بالكثيرين ممَّنْ لا تسمح الظروف الاعتيادية ، ولو لمتكلم بارز كهشام ، الاتصال بهم والاستماع إلى ارائهم وحججهم ، ومناقشات بعضهم لبعض ، ثم الاشراف على سير البحث ، وتقييم الحجج واعطاء الرأي الفاصل.
ويحكي المسعودي مجلساً واحداً من ذلك ، فيقول في مقدمة الحكاية : «وقد كان يحيى بن خالد بن برمك ذا علم ومعرفة ، وبحث ، ونظر ، وكان له مجلس يجتمع فيه كثير من اهل البحث والنظر من متكلّمي الاسلام وغيرهم من اهل الآراء والنحل ، فقال لهم يحيى يوماً ، وقد اجتمعوا عنده : قد أكثرتم الكلام في الكمون والظّهور ، والقدم والحدوث ، والنفي (٦٢) والإِثبات ، والحركة والسكون ، والمماسّة والمباينة ، والموجود والمعدوم (٦٣) والأجسام والاَْعراض ، والتعديل والتجريح ، ونفي الصفات واثباتها ، والاستطاعة والافعال ، والجوهر ، والكميّة والكيفيّة ، والمضاف ، والكون والفساد ، والامامة انصّ هي ام اختيار ، وسائر ما توردونه من الكلام في الأصول والفروع ، فاشرعوا الآن في الكلام في العشق ...» وهكذا ذكر كثيراً من عناوين البحوث ، ثم ذكر الذين اشتركوا في هذا البحث ، وسمّاهم ومنهم : «علي بن الهثيم (٦٤) كان امامي المذهب من المشهورين من متكلّمي الشيعة» وهو اولهم. والثاني «أبومالك الحضرمي ، وكان خارجيّ المذهب ، وهم الشُّراة» (٦٥). والثالث «محمد بن الهذيل العلاّف ، وكان معتزلي المذهب وشيخ البصريين» والرابع «هشام بن الحكم الكوفي شيخ الامامية في وقته وكبير الصَّنْعة في عصره» (٦٦) والخامس «ابراهيم بن سيّار النّظّام وكان معتزلي المذهب وكان من نظّار البصريين في
__________________
(٦٢) في طبعة باريس: وابقي، وهو تصحيف.
(٦٣) الوجود والعدم والجرّ والطفرة: في طبعة بيروت.
(٦٤) في ط شارل بلا : علي بن ميثم، وهو الصحيح.
(٦٥)
(٦٦)