وتعلّم منه الجواب ، ثم اجتمع بأبي شاكر بالكوفة فذكر له الجواب ، فقال الديصاني : هذه نُقِلَتْ من الحجاز (٥٨).
ولكن هذا الخلق الرفيع تحوّل عند خصومه إلى تطعن وتجريح ، يقول الخياط رادّاً على من اتّهم المعتزلة بأنّهم أخذوا بعض ارائهم عن الديصانية :
«بل المقروف [المُتَّهم] بقول الديصانيّة شيخ الرافضة وعالمها هشام بن الحكم المعروف بصحبة ابي شارك الدَّيصْاني ...» (٥٩).
١٠ ـ شخصيّته الكلامية ونشاطه الفكري :
وقد زادت صلة هشام بالمتكلّمين وزعماء الفرق ، بعد ما تزعّم النَّدوْةَ البرمكيّة. فإنّه بعد أن اعتقل الخليفة هارون الامام موسى بن جعفر عليهما السلام سنة ١٧٩ / ٩٧٥ اضطرّ أن يهاجر إلى بغداد بصورة دائمة ، وأنْ يلتجىء إلى يحيى بن خالد البرمكي (١٢٠ / ٧٣٨ ـ ١٩٠ / ٨٠٥) الوزير العبّاسي الشهير ، ليحتمي به ، فصار كما قال المترجمون له : «وكان منقطعاً إلى يحيى ابن خالد البرمكيّ ، وكان القيمّ بمجالس كلامه ونظره» (٦٠).
و «كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلّمون من كلّ فرقة وملّة يوم الأحد فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض» (٦١).
ومن الطّبيعي أنْ هذه الندوة الكلامية ، التي كانَتْ تنعقد اسبوعياً بمحضر أقوى رجل في الدولة بعد الخليفة ، وكان هشام هو الذي يرأسها ويدُيرُها ، وهذا هو المفهوم من قولهم «وكان القيم بمجالس كلامه ونظره» كانت توفّر له الاتّصال
__________________
(٥٨) الكافي، ١/١٢٨ ـ ١٢٩ اي ٢٦٦/٩، التوحيد /١٣٣.
(٥٩) الانتصار والردّ على ابن الروندي الملحد /٣٧.
(٦٠) الطوسي، الفهرست /٢٠٤، «ابن» النديم، الفهرست /٢٢٣، ٢٢٤، مجمع الرجال، ٦/٢٣٣، لسان الميزان، ٦/١٩٤.
(٦١) كمال الدين، ٢/٣٦٢، البحار، ٤٨/١٧٩.