الشركة في جميع تجارتهما» (٥٣).
«وكان عبدالله بن يزيد الإِباضي بالكوفة تختلف عليه أصحابه يأخذون عنه ، وكان خرّازاً شريكاً لهشام بن الحكم ، وكان هشام مقدَّماً (...) تختلف عليه أصحابه من الرافضة يأخذون عنه ، وكلاهما في حانوت واحد ، على ما ذكرنا من التضادّ في المذاهب من التشرّي (٥٤) والرَّفضْ ، ولم يجر بينهما مسابّة ولا خروج عمّا يوجبه العلم ، وقضيّة العقل ، وموجبات الشرع ، وأحكام النظر والسير» (٥٥).
وخلق هشام هذا كان يدعو الكثير ممَّنْ يخالفونه في العقيدة أن يتّصلوا به ابتداءً ، إذ لم يكن يعرّض من يتّصل به إلى الاَْخطار ، ولم يكن يخاف منه سوء الأدب وقبح العشرة ، أو الخروج عن أدب المعاشرة أو أدب الكلام. يروي ابن قتيبة : أنّ هشاماً جاءه ملحد ، فقال له : أنا اقول بالاثنين ، وقد عَرَفْتُ إنصافك فلَسْتُ أخاف مشاغبتك ، ثم ناظره فقطعه هشام بسرعة واجابه بما أقنعه (٥٦).
وما قدّمناه من خلق هشام هو الذي أوجب أنْ يتحوَّل اتصال أبي شاكر الدَّيصاني ـ احد مشاهير الزنادقة ـ بهشام إلى صداقة وصحبة بينهما ، بعد ان كانت في أصلها صلة جدل ونظر ونقاش فيما كانا يختلفان فيه من وجهات الرأي والعقيدة. وربما سأله أبوشاكر أنْ يستأذن له في الدخول على الإِمام الصادق عليه السلام (٥٧).
وربما تناظرا ، فكان البحث ينتهي الى مدى لم يكن لهشام فيها من جواب ـ كما يحدثنا هشام ـ ويقول : انه اجتمع بالصادق عليه السلام بالمدينة
__________________
(٥٣) الجاحظ، البيان والتبيين، ١/٤٦ ـ ٤٧، الراغب، محاضرات الادباء ٢/٧.
(٥٤) عقيدة الشُّراة أي الخوارج.
(٥٥) مروج الذهب ط باريس، ٥/٤٤٣ ـ ٤٤٤.
(٥٦) عيون الاخبار، ٢/١٥٤.
(٥٧) التوحيد /٢٩٠، البحار، ٣/٥٠.