٨ ـ لكن الخصوم اتهموا الامامية بما يأبى الحديث الإِمامي منه :
ومهما يكن فإنّ أخفّ جوانب الاتّهام الذي وجّهه إلى الإِماميّة خصومهم ، هو ما تقدّم من أنّ الإِماميّة كانوا في بداية أمرهم ـ وإلى عصور تلتها ـ كانوا قد حصروا أنفسهم وعقائِدهم في حدود المداليل اللفظية للكتاب والسُّنّة ، ولم يتعدّوا ذلك إلى المجال العقلي والاعتماد على العقل كمصدر لشرح العقيدة وتوجيهها ، والاستعانة به في الاستدلال على إثباتها وردّ شبه خصومها ، وإبطال حججهم.
ولكنّ خصوم الإِمامية لم يقفوا عند هذا الحدّ ، بل تجاوزه إلى اتّهام الإِمامية ، بأنّهم قبل اتّصالهم بالمعتزلة :
١ ـ كانوا يقولون بالتجسيم والتشبيه الصريحين.
٢ ـ لم يكونوا يقولون بالعدل كأصل دينيّ له خصائصه ومستلزماته.
٣ ـ لم يكونوا يعرفون الفروق الدقيقة والبحوث النظرية الراجعة إلى التوحيد والعدل ، والتي أشرت إليها بإجمال عند الكلام عن عقائد الإِمامية ، ولم يكونوا على علم بالجهات التي تفرّق بين صفات الذات وصفات الفعل ـ مثلاً ـ إذا لم يكونوا بعد قد اعتمدوا على البحوث العقلية التي تنتهي إلى استكشاف تلك الاُْسس الدقيقة وتركيز تلك التفاصيل عليها.
٤ ـ كانوا يقولون بالجبر ـ بل والشديد منه ـ.
يقول أبوالحسين الخيّاط المعتزلي :
«وأمّا جملة قول الرافضة ، فهو : إنّ الله عزّ وجلّ ذو قَدٍّ ، وصورة ، وحدّ ، يتحرَّك ويسكن ، ويدنو ويبعد ، ويخفّ ويثقل ...» هذا توحيد الرافضة بأسرها ، إلاّ نفراً منهم يسيراً صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد ، فنفتهم الرافضة عنهم ، وتبرّأتْ منهم ، فأمّا جُمْلَتُهم ومشايخهم ، مثل : هشام بن سالم ، وشيطان الطاق ، وعليّ بن ميثم ، وهشام بن الحكم ، وعليّ بن منصور ،