بدلالة القرآن على ذلك فكيف قالوا بدلالة تلك الأحاديث؟!] فقبَّحوا بذلك عند الجهّال مذهبنا ، ولبَّسوا عليهم طريقتنا ، وصدُّوا الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله ، فتقرَّبْتُ إلى الله ، تعالى ذكره ، بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر ...» (٢٧).
وخلاصة الكلام أنّ الإِماميّة إنْ دُرِسَت عقيدتُها على ضوء ما ورثته من أحاديث الأئمّة عليهم السلام ، فإنّ هذه الدراسة لَتكشف بوضوح أنّ ما تعتقده إنّما ينبع من تلك الاَْحاديث ، والأحاديث نفسها تتّفق في مضمونها بين التي روتها عن أوّل أئمّتها ، أمير المؤمنين عليه السلام ، وبين التي جاءتها من الإِمام الحادي عشر أو الحجّة المنتظر ، عليهما السلام ، مثلاً ، وأساس ذلك يرجع إلى أنّ الإِماميّة بعد أنْ دانت بالإِمامة والتزمت بطاعة الأئمّة عليهم السلام ـ كما قدَّمت في مدلول الإِمامة عند الإِمامية ـ فإنّها قد أخذت عقائدها منهم كما أخذت أحكامها ، ودراسة الكتابين; «اعتقادات الإِمامية» للصدوق ، و «تصحيح الاعتقاد» للمفيد كافية في إثبات ذلك ، خاصة بعد أنْ كان كتاب الصدوق لا يتعدّى عن سرد مضامين الآيات والاَْحاديث ، بل بنفس الألفاظ والتعابير ، كما قدَّمناه.
فالقول بأنّ الإِماميّة أخذت عن المعتزلة وتأثّرَتْ بهم فيما اتّفقت معهم في العقيدة لا أقول فيه سوى إنّه باطل لا أساسَ له من الصحّة جملة وتفصيلاً ، ولا سند له من دراسة عقائد الإِمامية والاُسس التي قامت عليها تلك العقائد. والسؤال الذي يكون وجيهاً ـ والحال هذه ـ : هل غيرها أخذ عقيدته من أئمّتها؟ ولا أُحاول هنا أن أبحث عن هذا الجانب ولكنّي أُشير إلى أنّ الكعبي البلخي ، والقاضي عبدالجبّار ، وابن المرتضى ، ونَشْوان الحِمْيَري يسندون مذهب المعتزلة في العدل والتوحيد إلى أمير المؤمنين عليه السلام (٢٨).
__________________
(٢٧) التوحيد، مكتب الصدوق، طهران: ١٣٨٧/١٧ ـ ١٨.
(٢٨) البلخي، ذكر المعتزلة /٦٤، القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة /١٤٦ ـ