المليح ، غير أنه نقل الفعل إلى الوجه ، ونصب بشاشة على التمييز ، كما قال الله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(١) وإنما هو : واشتعل شيب الرأس ، غير أنه حوّل فعل الشّيب إلى الرأس ، ونصب شيبا على التمييز. ويجوز أن يكون جعل بشاشة ، وهي مصدر ، في معنى الحال ، فكأنّه قال : وقلّ باشّا الوجه.
ومما ينشد من الشعر في حذف التنوين لالتقاء الساكنين قول حسان :
لو كنت من هاشم أو من بني أسد |
|
أو عبد شمس أو أصحاب اللّوا الصّيد |
أو من بني زهرة الأخيار قد علموا |
|
أو من بنى خلف الخضر الجلاعيد (٢) |
أراد : من بني خلف الخضر.
وقال أبو الأسود :
فألفيته غير مستعتب |
|
ولا ذاكر الله إلا قليلا (٣) |
وأنشد الفراء :
لتجدنّي بالأمير برّا |
|
وبالقناة مدعسا مكرّا |
إذا غطيف السلميّ فرّا (٤) |
أراد : غطيف السّلمىّ.
وحذف التنوين غير داخل في ضرورة الشّعر ؛ لالتقاء الساكنين. وإنما ذكرناه للفصل بينه وبين نون "من" و "لكن" ؛ لأن حذفها لاجتماع الساكنين ، في ضرورة الشعر.
وقد رأيت بعض من ذكر ضرورة الشعر أدخل فيه حذف التنوين وليس هو عندي كذلك. وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأ : (قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ)(٥) ويذكر أنه اسم عربي ، وأنه حذف التنوين منه لالتقاء الساكنين. فهذا أبو عمرو يختاره على غيره ويفسّره هذا التفسير ، فكيف يدخل في ضرورة الشعر؟
ومن ذلك حذف الياء في حالة الإضافة ومع الألف واللام ، تشبيها بحذفهم إيّاها مع التنوين كقولهم "هذا قاض بغداد قد أقبل" ، في الشّعر ، و "هذا القاض". والوجه في هذا أن يقال : "هذا قاضي بغداد قد أقبل" و "هذا القاضي".
__________________
(١) سورة مريم ، آية ٤.
(٢) البيتان في ديوانه ص ١٣٣.
(٣) البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ١٢٣ ، والخزانة ٤ / ٥٥٤ ، واللسان (عتب).
(٤) الأبيات في اللسان (غطف).
(٥) سورة التوبة ، آية : ٣٠.