وذكر أن الرواية في البيت الثاني :
ألا أمست حبالكم رماما |
|
ولا عهد كعهدك يا أماما (١) |
وذكر أن" أثال" في بيت ابن أحمر ، معطوف على النون والياء في" يؤرّقني" ، فموضعه نصب لذلك.
قال أبو سعيد : والذي عندي في" أثال" غير ما قال الفريقان ، وهو أن" أثال" لم يحذف منه هاء ؛ لأنّه ليس في الأسماء" أثالة" ، وإنما هو" أثال". ولم ينصبه للعطف على النون والياء ، في" يؤرّقني" : لأن ابن أحمر يبكي قوما من عشيرته ماتوا أو قتلوا ، فيهم أبو حنش وطلق وعبّاد وأثال ، فرفع الأسماء المرفوعة بيؤرقني فدلّ يؤرّقني على أنه يتذكّرهم ؛ لأنهم لا يؤرقونه إلا وهو يذكرهم ، فنصب" أثالا"" بأذكر" الذي قد دلّ عليه يؤرّقني ، وهذا قول أظن الأصمعي قاله في تفسير شعره.
ومثله :
إذا تغنّى الحمام الورق هيّجني |
|
ولو تعزّيت عنها أمّ عمّار (٢) |
نصب" أمّ عمار" بفعل مضمر ، كأنه قال : فذكّرني أمّ عمار ؛ لأن التهيّج لا يكون إلا بالذكر.
وأما قوله : " ألا يا أمّ فارع" فلم يذكره أبو العباس.
والقول عندي ما قاله سيبويه وسائر المتقدمين ؛ لعلتين ؛ إحداهما الرواية في" أماما" ، والثانية : القياس ، وذلك أن هذا الترخيم أصل جوازه في النداء ، فإذا اضطّر الشاعر إلى ذكره في غير النداء ، أجراه على حكمه في الموضوع الذي كان فيه ؛ لأن ضرورته في النقل من موضع إلى موضع.
وأما قول ذي الرّمّة :
ديار ميّة إذ ميّ تساعفنا |
|
ولا ترى مثلها عجم ولا عرب (٣) |
ففيه قولان ؛ أحدهما : أنه رخم" ميّة" للضرورة ، على ما تقدّم القول فيه. والثاني : أن المرأة تسمى بميّ وميّة ، وهما اسمان لها ، فمرة يسمّيها بهذا ، ومرة يسمّيها بهذا.
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) البيت بلا نسبة في سيبويه ١ / ١٤٤.
(٣) البيت في ديوانه ٣ ، واللسان (عجم) ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٨.