حجّيّة سُنّة النبيّ :
وسُنّة النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم الثابتة عنه بالطرق المعتبرة حجّة بلا كلام ، وضرورة دينيّة لا يخالف فيها إلّا من لا حظّ له من دين الإِسلام . . .
وقد استدلّوا على حجّيّتها بآياتٍ من الكتاب وأحاديث عن المصطفى ، لكن لا يتمّ الاستدلال بها إلّا على وجهٍ دائر كما لا يخفى . . .
فالعمدة في وجه الحجّيّة هي « العصمة » ومن هنا يتعرّض العلماء ـ في بحثهم عن حجّيّة السُنّة ـ لعصمة النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم (١١٣) .
معنى سُنّة الخلفاء :
قال ابن فارس : « وكره العلماء قول من قال : سُنّة أبي بكر وعمر ، وإنّما يقال : سنة الله وسُنّة رسوله » (١١٤) .
قلت : وجه كراهية العلماء ذلك واضح ، لأنْ كلمة « السُنّة » أصبحت في عرف المتشرّعة مختصّةً بما عن النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم قولاً وفعلاً وتقريراً ، لأنّه الحجّة بعد الكتاب ، حيث يقال : الكتاب والسُنّة ، لكنّهم كرهوا هذا القول مع كون حديث « عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين » بمرأىً منهم ومشهد ، فإن كانوا في شكّ من صدور الحديث عن النبيّ فلا بحث ، وإلّا فبم يفسِّرونه ؟ !
هنا مشاكل :
١ ـ لقد ذكرنا أنّ « السُنّة » في اللغة بمعنى « الطريقة » ، وهي بنفس المعنى في الشريعة بالنسبة إلى « سُنّة النبي » صلّی الله عليه وآله وسلّم ، فهل تفسَّر « سُنّة الخلفاء » بنفس المعنى كذلك ؟ !
__________________(١١٣) لاحظ كتب الْأُصول كإرشاد الفحول : ٢٩ .
(١١٤) فقه العربيّة « سنن » .