أمَا رأيتَ في هذه السنين ، كيف أحرقَ الكفّارُ أقطارَ الأرضين ، وأبادوا العالَمين ، وفعلوا ما لا يصدر من السباع الضاريات ؟ ! (١)
أيُعقلُ ممّن يعتقدُ بالدين ، وعقاب ربّ العالمين أنْ يصدُرَ منه بعضُ هذه المظالم ؟ !
وكذلك ما صدَرَ من بعض المنتحلين الإِسلامَ من المظالم الفظيعة ، فلأجلِ ضعف العقيدة ، بل عدمها في الحقيقة ، كما هو مشهورٌ من ابن سعد ، ويزيد والوليد ، لعنهم الله فوق المزيد .
وأمّا الأدلّة على إثبات المعاد :
فهي كثيرةٌ ، فصّلناها في كتبنا الشهيرة ، ويكفينا أنّه ممّا اتّفق عليه جميع الملّيّين ، ولم يمنعه عاقلٌ ، حتّى الكَفَرة وعَبَدة الأوثان ، فإنّهم أيضاً يقولون بالثواب والعقاب بعد الموت .
كيف ؟ ! وإلّا لزمَ توجُّهُ الظلم والقبح إلى قُدْس ساحة الواجب تعالى ، لأنّه خَلَق الخَلْقَ ، وأعطاهم القدرةَ والأسباب ، وأمْهَل الظالمين والعاصين ، فقتلوا وآذوا المؤمنين والصالحين ، بأعظم الأذيّات ، ثمّ لم يأخذ حقَّ المظلومين من الظلمة ، ولم يُعاقبهم ، ولا أثابَ المطيعين ، بل ابتلاهم حتّى ماتوا على اعتمادٍ بما أخْبَرَ ، وأخَّرَ ، من مجيء يوم البقاء ، ونَيْل أحسن الجزاء ، فهَل يُجَوِّزُ عاقِلٌ ، أو يَشُكّ بعد التصوُّر غافلٌ ، أنْ يكذبَ العزيزُ
__________________(١) يتحدّث سماحةُ السيّد المؤلّف عمّا دار في الحرب العالمية الثانية على أيدي الْأُوربيّين الوحوش ، قتلة البشر ، التي طالت من ١٩٣٩ إلى ١٩٤٥ م .
ويُذكّرنا هذا الحديثُ بالحرب الطاحنة التي أشعلها المتأسلمون في بداية هذا القرن ضدّ الإِسلام والمسلمين في إيران طوال ثمانية أعوام ، من ١٣٩٩ ـ ١٤٠٨ هـ ، فأفنوا آلافاً من شباب المسلمين ضحايا وأبادوا ثراوتهم ، إرضاءاً للأسياد المستعمرين .
ثمّ الحرب المدمِّرة التي فرضوها علی الكويت والعراق فأفنوا بها إمكانات البلدين الاقتصادية والبشرية ، وفسحوا المجال لاحتلال الأرض الإِسلاميّة الطاهرة ، من قبل الكفرة الْأُوربيّين الأرجاس .
كما أدخلوا بذلك على المسلمين والإِسلام الذلَّ والعارَ والهوانَ ، وأثبتوا زيفَ ادّعائهم الانتماء إلى هذا الدين وهذه الْأُمّة .