النهر عددا من الأعراب يمتطون الخيول. ولما كنا نخشى وقوع أي اعتداء على أموالنا ، فقد رحنا نزيد في حدرنا ونشدد حراستنا كما حدث لنا ذلك في الليلة المنصرمة.
فقد عهد إلي بالحراسة في تلك الليلة وإذ ذاك صعدت إلى الجزء الأخير من السفينة كيما أستطيع أن أرقب اللصوص من هناك حالما يقبل أحدهم نحو السفينة ، ثم وضعت بندقيتي إلى جنبي (وهذا ما اعتدناه في كل وقت) وبعد أن استلقيت لففت جسمي بالمعطف الواقي من الجليد ذي الأردان الطويلة لأتقي بذلك سقوط الندى والصقيع الذي يكثر سقوطهما هنا. وبعد حراسة طويلة غلبني النعاس فنمت وإذ ذاك أقبل أحد اللصوص في الماء إلى الموقع الذي كنت مستلقيا فيه في السفينة في صمت فأمسك بأحد أردان المعطف ، وكانت متدليا إلى أسفل ، على أمل أن يسحبه برفق وهو لا يدري بأنني كنت ملتفا به ، وإذ أحسست أن شخصا ما كان يتحرك وأنه يريد سرقة معطفي نهضت فشاهدت رأس اللص وإذ ذاك أمسكت ببندقيتي لأوجه رصاصة إليه ، لكنه ما إن رآني حتى هرب سابحا في النهر. واستيقظ أفراد الجماعة الذين رقدوا بجانبي وحين استفسروا عن الخبر وأنبأتهم بما رأيته فرحوا لذلك وراحوا يزجون إلي الشكر على حذري ودقة حراستي.
وفي الوقت الذي كنا نخشى فيه سطو الأعراب علينا ليلا ، تراهم يقبلون في النهار علينا مع زوجاتهم للتعامل تجاريّا معنا ، إذ يسارع ربان سفينتنا في النزول إلى اليابسة ليسهل على التجار مهمتهم ، وهم الذين يحملون كل أنواع السلع معهم من قوالب الصابون إلى خرز الكرستال والعقيق الأصفر ، والأساور الزجاجية من مختلف الألوان التي تلبسها النسوة في أيديهن وأقدامهن ، وأنواع أخرى من اللعب المصنوعة من الزجاج ذي الألوان الحمراء والصفراء والخضراء والرمادية وكذلك علب البرنز والرصاص ، والأحذية الطويلة التي تشد بسيور من الجلد وغير