الفصل السابع
مغادرة حلب إلى مدينة (بير) الشهيرة
وسفري من هناك في نهر الفرات إلى بابل القديمة
بعد أن مكثت فترة لا بأس بها في «حلب» اطلعت عليها وعرفت التجارة والبضائع التي يتعاطى بها السكان هناك مع غيرهم من أفراد الأمم الأخرى كالإغريق ، والأرمن ، والكرج ، والعرب ، والفرس ، والهنود ، والتي يجلبونها ويصدرونها في قوافلهم يوميّا ، وبعد أن أحسنت الاطلاع على طرقهم وعاداتهم وفهمتها جيدا ، وجمعت رزمة من نباتات أجنبية غير معروفة قبلا ، استقر بي الرأي على المضي في السفر إلى بلاد الرافدين ، وآشور وبابل وغيرها (١) من الأقطار القديمة الخصبة حيثما وجدت ، والتي كانت تقطنها الشعوب القديمة والملوك الأشداء. أما تلك البلدان التي تقع بعيدا جدّا ، والتي يمر الطريق إليها عبر صحارى وقفار شاسعة فإن محاولة السفر إليها وتحقيق ذلك ، تكون أكثر مشقة وأشد خطرا. وعلى هذا فقد رحت أتطلع في الدرجة الأولى إلى رفيق سفر أثق به ليكون مساعدا لي. وإذ ذاك صادفت في الحال أحد الهولنديين ممن أمضوا فترة طويلة في حلب ، فاستجاب إلى طلبي (لأنه كان هو الآخر يرغب في هذه
__________________
(١) ذكر الرحالة «بلاد الرافدين» أو ما بين النهرين «ميسوبو تاميا» وأضاف إليها بلاد بابل وآشور ، علما بأن ميسوبو تاميا تشمل العراق بأكمله بما في ذلك بابل وآشور ، بالإضافة إلى أعالي دجلة وأعالي الفرات التي تقع ضمن الحدود التركية والسورية.