الفصل الثالث
من طرابلس إلى دمشق وحلب
بعد أن استرحت جملة أسابيع في طرابلس وشاهدت معالم تلك المدينة وأبنيتها واطلعت على أحوالها البهيجة ، وأكثر من ذلك عرفت عوائد سكانها وتقاليدهم وأخلاقهم سواء في ذلك الأكابر منهم أم الواطئون ، قررت أن أسافر إلى مدينة «حلب» التي تعتبر أكبر مدينة تجارية في سوريا ، وأكثرها شهرة إطلاقا ، والتي تقع على مسيرة خمسة أو ستة أيام من طرابلس وباتجاهها الشمالي الشرقي.
وحين صادفت بعض الزملاء الراغبين في السفر معي ، تزودنا بالأطعمة التي نحتاج إليها في رحلتنا تلك ، كالخبز والجبنة والبيض وما شاكلها ، وهكذا غادرنا طرابلس في اليوم التاسع من شهر تشرين الثاني سنة ١٥٧٣.
ولقد صادفتنا في الطريق أمطار غزيرة إذ إن الأمطار تسقط عادة في مثل هذا الوقت من السنة ، وتستمر طيلة الشتاء تقريبا ولهذا السبب فقد تأخرت مسيرتنا إذ إننا لم نصل إلى «دمشق» (١) ، التي تقع في منتصف الطريق بين طرابلس وحلب ، إلا في اليوم الرابع لمغادرتنا.
__________________
(١) كتب المؤلف اسم دمشق باسم «دامانت Damant» تارة و «داماندDamand» تارة أخرى وهذا هو الاسم الذي عرفت به قديما.