ومن اجل فهم الابعاد الحقيقية للمؤسسة العائلية في المجتمع الاسلامي ، ودور الشريعة في إحكام بنائها العلوي ، لابد لنا من دراسة الفوارق الفكرية والفلسفية المتوقعة بينها وبين نظيرتها في النظام الاجتماعي الرأسمالي. وفي سبيل تحقيق ذلك الفهم ، لابد من ترتيب النقاط التالية :
اولاً : اقرار الضمان المالي للعائلة في المجتمع الاسلامي ؛ فتنصبّ مسؤولية الزوج على اعالة زوجته ووالديه وابنائه ، حيث اوجبت الشريعة نفقة الزوجة الدائمة على زوجها ، حتى لو كانت الزوجة ثرية ؛ وجعلت المسؤولية مشتركة بينهما ، فعليه النفقة وعليها الطاعة والتمكين. ولا شك ان تحديد النفقة الشرعية مرهون بالعرف ، الا ان الاصل فيها هو اشباع حاجاتها الاساسية من المأكل والملبس والمسكن والعلاج ونفقة الحمل والوضع والرضاعة والحضانة. وبطبيعة الحال ، فان وجوب الانفاق لا يقتصر على الزوجة فحسب ، بل يجب على الآباء نفقة ابنائهم وان نزلوا ذكوراً واناثاً ، وعلى الابناء نفقة آبائهم وان علوا ذكورا واناثاً ، وهو ما عبر عنه فقهياً بنفقة الاصول والفروع ، حتى لو كان الاصل فاسقاً او كافراً بلا خلاف.
اما في النظام الرأسمالي ، فان النظام العائلي مصمم نظرياً على اساس ان الفرد المنتج في العائلة الواحدة هو المسؤول عن اعالة الآخرين الذين لا