وقد ركزت النظرية التوفيقية ، في معالجتها لدور المؤسسة العائلية في حفظ المجتمع الانساني ، على الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها تلك المؤسسة ، دون ان تكترث لدراسة دور الرجل والمرأة في إدارة النظام العائلي ، وتحليل علاقتهما الزوجية ضمن حدود العرف الاجتماعي. فلم تستطع النظرية ان تقدم تصوراً عاماً حول واجبات الزوجين وحقوقهما ، ومسؤوليتهما الشرعية أو القانونية تجاه بعضهما البعض أولاً ، وتجاه اليافعين في نظامهما العائلي ثانياً. ولم تتطرق النظرية أيضاً ، الى حقوق الافراد المنتسبين الى العائلة الواحدة في الارث والنفقة والتملك. ولم تتناول شكل العلاقة الزوجية ، ودورالطاعة أو النفقة في تحديد الغريزية بين الرجل والمرأة.
ولو كانت النظرية صادقة ودقيقة في تحليلها ، فلماذا اذن ، تجاهلت تحليل ظاهرة العنف في العائلة الرأسمالية ، مقابل الحب والحنان في العائلة المثالية التي تزعم بوجودها في كل المجتمعات الانسانية وبضمنها المجتمع الرأسمالي؟ مع علم النظرية مسبقاً بأن الجرائم الواقعة بين أفراد العائلة الواحدة ، خصوصاً بين الزوج والزوجة ، تشكل أكثر من عشر اجمالي الجرائم الجنائية السنوية في الولايات المتحدة مثلاً (١). فاذا كانت العائلة مصدراً للحب والحنان ، فكيف تفسر النظرية التوفيقية حوادث الاعتداء
____________
١ ـ ( روبرت ) الانفصال الزوجي. نيويورك : الكتب الاساسية. ١٩٧٥ م.