الثانية : أن تكون اللام المحذوفة قد رجعت ـ فى الكلام المأثور ـ فى التثنية ، أو جمع المؤنث السالم (١) ؛ مثل : «أب ، وأخ» ، وتثنيتهما : «أبوان وأخوان» ، فالنسب إليهما : أبوىّ وأخوى ، بإرجاع الواو المحذوفة منهما. ومثل : «سنة» ، وأصلها : سنه أو سنو ، حذفت لام الكلمة ؛ (وهى : الهاء : أو الواو) وجاءت تاء التأنيث عوضا عنها ، وهذه التاء تحذف فى جمع المؤنث السالم وترجع اللام المحذوفة ، فيقال : سنهات أو سنوات ، كما يقال فى النسب : سنهىّ ، أو سنوى ، بإرجاع اللام المحذوفة كما رجعت فى جمع المؤنث.
والنسب إلى : «أخت وبنت» ؛ هو : «أخوىّ ، وبنوىّ» ، لأن جمعهما المؤنث السالم : أخوات وبنات ، والنسب إليهما كالنسب إلى أخ وابن. وهذا يوقع فى لبس قوىّ دعا بعض النحاة إلى رفض النسب بالصورة السالفة ، وتحتيم النسب على لفظهما ؛ فيقول : أختىّ وبنتىّ ؛ ورأيه حسن ، جدير بالمحاكاة ، مع صحة الرأى الأول وقوته (٢).
* * *
__________________
ـ لمن أنكر عربيتها ، وخطأ علماء الكلام فى قولهم : «الصفات الذاتية» مع أنهم ـ أى : علماء الكلام ـ مصيبون). ا ه. ومثل هذا فى المصباح «المنير» مع الاشتراك فى كثير من الألفاظ السالفة فارجع إليه فى مادة : «ذوى».
(١) لم يذكروا جمع المذكر السالم اكتفاء بالتثنية ؛ لأنه على غرارها ـ كما سبق فى بابهما ـ فما يرجع فى التثنية يرجع فى جمع المذكر السالم.
(٢) يقولون فى تأييد الرأى الأول : إن صيغة : «أخت وبنت» كلها للتأنيث. والتاء للإلحاق بالرغم من أنها بدل من واو محذوفة ؛ وهى لإلحاق الكلمتين بقفل وجذع ؛ إلحاقا للثنائى بالثلاثى ، فيجب رد صيغة أخت وبنت إلى صيغة المذكر ، بحذف التاء منهما كما حذفت فى النسب إلى مكة ؛ فقيل : مكى وفى جمع المؤنث السالم ؛ فقيل : فى مؤمنة مؤمنات ... لئلا تقع تاء التأنيث حشوا ... وكلام كثير آخر أساسه مجرد الجدل. وقد تناوله بعض القدماء بالرد والرفض (على نحو ما نقله شرح التصريح فى هذا الموضع). ونحن فى غنى عن هذا كله ، وعن مناقشته ، وزيادة الجدل القديم بجدل جديد ؛ وكلاهما لا خير فيه ؛ إذ حسبنا إباحة الرأيين ، واستحسان الرأى القائم على إبعاد اللبس ، وهو رأى قديم لبعض كبار النحاة. ومنهم : يونس بن حبيب البصرى المتوفى حول سنة ١٨١ ه ، وهو من أشهر أئمة اللغويين النحاة فى عصر سيبويه ، وله مؤيدون.
وفى إرجاع اللام جوازا ووجوبا يقول الناظم :
واجبر بردّ اللّام ما منه حذف |
|
جوازا ان لم يك ردّه ألف ـ ١٩ |
ـ