المسألة ١٧٨ :
النسب إلى ما حذف منه بعض اصوله
(ا) إن كان الحرف الأصلىّ المحذوف هو عين الكلمة وجب رده فى حالتين : الأولى : أن يكون عينا لاسم ثلاثى مضعف (١). مثل : «رب». وأصله : «ربّ» الحرفية الجارّة ، حذفت الباء الأولى ، تخفيفا (٢) ، فإذا صار بعد التخفيف علما وأريد النسب إليه ، وجب إرجاع الباء الساكنة المحذوفة وإدغامها فى نظيرتها ، كما كانت قبل الحذف ؛ فيقال : ربّىّ ، ومثلها : «قط» على اعتبار أن أصلها : قطّ (٣) ـ بتشديد الطاء ـ ؛ حذفت الطاء الأولى الساكنة تخفيفا ، فإذا نسب إلى المخففة وجب إرجاع العين المحذوفة. وإدغامها فى نظيرتها ؛ فيقال : قطّىّ ...
الثانية : أن يكون عينا لاسم معتل اللام ، نحو : يرى (علما منقولا من المضارع ، وأصله : يرأى. نقلت فتحة الهمزة. إلى الراء الساكنة قبلها ، وحذفت الهمزة ؛ فصار اللفظ : يرى). فإذا سمى به ، وأريد النسب إليه ؛ قيل : «يرئىّ» ، بإرجاع العين المحذوفة مع فتح الراء ؛ مراعاة لضبطها الذى كانت عليه بعد حذف الهمزة (٤).
__________________
(١) مضعف الثلاثى : ما كانت عينه ولامه من جنس واحد ؛ مثل : عدّ ـ قطّ ـ ربّ ... ولا بد أن يكون المضعف ساكن العين. إذا كانت مدغمة فى نظيرها ، وهو الحرف الواقع لام الكلمة.
(٢) ومن التخفيف قوله تعالى (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ.)
(٣) ظرف زمان يستعمل ـ فى الأغلب ـ بعد كلام منفى المعنى فى الزمن الماضى. (وتفصيل الكلام عليه فى ج ٢ م ٧٩).
(٤) هذا رأى سيبويه ـ كما سيجىء أيضا فى رقم ٢ من هامش ص ٦٧٧ ـ وهو يوجب فى الاسم الذى ترجع لامه المحذوفة عند النسب أن تبقى عينه على فتحتها الطارئة عليها عند حذف تلك اللام ، قبل النسب. فإذا ما عادت اللام عند النسب لم ترجع العين إلى السكون الذى كان أصلا لها من قبل ؛ وإنما تظل على الفتحة الطارئة عليها. فاذا رجعت الهمزة المحذوفة هنا ـ صارت الكلمة : «يرأى» ـ بثلاث متحركات مفتوحة ، فألف ساكنة ، مكتوبة ياء ـ وعند النسب تحذف هذه الألف (لأنها رابعة فى اسم ثانيه متحرك ، كما تقرر من قبل فى ص ٦٦١) ، فيقال : «يرئى» وهذا الرأى هو الأرجح الذى يؤيده السماع الأكثر ، أما غير سيبويه فيوجب عند رجوع اللام المحذوفة إرجاع العين إلى سكونها الأصلى السابق ، وعدم الاعتداد بالفتحة الطارئة. فعند إرجاع الهمزة يصير الاسم : «يرأى» والنسب إليه هو : «يرأوىّ» أو : «يرئىّ» ؛ طبقا لما تقرر ـ فى ص ٦٦١ ـ من أن ألف الرباعى الساكن الثانى ـ تحذف أو تقلب واوا.
ومما سبق يتضح فى المجبور برد اللام عند النسب رأيان ، فسيبويه ومن معه يوجب فيه فتح العين وإن كانت ساكنة فى الأصل. وغيره يوجب تسكينها كما كانت أولا ، وإرجاعها لأصلها.