دلالة صيغ معينة ، أما جمعا التصحيح ، فمدلولهما الغالب عند «سيبويه» عدد محدود لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة. فهما يدلان عنده على القلة التى يدل عليها أحد نوعى جمع التكسير ، ولا يدلان على الكثرة إلا بقرينة أخرى خارجة عن صيغتهما ؛ فليس لهما صيغ تدل على القلة أو على الكثرة كالصيغ التى لجمع التكسير فى هذين النوعين.
هذا رأى سيبويه. لكن الرأى الأرجح أن جمعى التصحيح لا يختصان بالقلة وإنما يصلحان (١) للقلة والكثرة. عند خلو الكلام من قرينة تعين الجمع لأحدهما دون الآخر.
٢ ـ وأن هناك فرقا هامّا آخر ؛ هو : أن جمع التكسير لا بد أن تتغير ، فيه صيغة مفرده ؛ بخلاف جمعى التّصحيح ؛ فإن مفردهما لا يتغير ـ فى الأغلب ـ عند جمعه على أحدهما ، بل يظل حافظا صورته الأصلية (٢).
٣ ـ وأن جمع التكسير وجمع المؤنث السالم يعربان بالحركات. أما جمع المذكر السالم فيعرب بالحروف (٣).
* * *
قياسيّة جمع التكسير :
صيغ جمع التكسير ـ بنوعيه ـ متعددة ، وأوزانه كثيرة تجاوز الثلاثين ؛ منها «الصيغ المطّردة» ، ويتصدّى علم النحو لبيانها ، وعرض أحكامها. ومنها
__________________
(١) راجع خاتمة «المصباح المنير» ، ص ٩٥٤ بعنوان : (فصل : الجمع قسمان ، قلة وكثرة ...) حيث صرح بالرأى الأرجح وبأدلته ... وكذلك كتاب «مجمع البيان لعلوم القرآن» تأليف الطبرسى ج ٣ ص ٨٨ ـ ونقلنا فى الجزء الأول (م ١٠ رقم ٢ من هامش ص ١٢٥ باب جمع المذكر السالم) رأى أبى على الفارسى فى هذا ، فقد جاء فى كتاب «المحتسب» لابن جنى (ج ١ ص ١٨٧ ـ سورة النساء) ما نصه : (كان أبو على ينكر الحكاية المروية عن النابغة ، وقد عرض عليه حسان بن ثابت شعره ، وأنه صار إلى قوله :
لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحا |
|
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما |
قال له النابغة : لقد قللت جفانك وسيوفك.
قال أبو على : هذا خبر مجهول لا أصل له ؛ لأن الله تعالى يقول :
ـ (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) ـ ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التى فى الجنة من الثلاث إلى العشر)اه
(٢) انظر رقم ١ من هامش ص ٥٦٦ ورقم ٢ من هامش ص ٦٢٥.
(٣) راجع أحكام هذه الجموع وكثير مما يختص بها فى ج ١ م ٧ (أنواع البناء والإعراب ..)