الكلام خارجة عن الصيغة وعن وزنها تدل على هذا النقل والتبادل. وبغير القرينة لا يصح الحكم على الصيغة بأنها مستعملة فى غير نوعها (١).
والفرق بين هذه الحالة والتى سبقتها : أن المفرد هنا له نوعان شائعان من التكسير ؛ أحدهما : يكون بصيغة مستقلة تختصّ بجمع التكسير الدال على القلة ، والآخر يكون بصيغة مستقلة تختصّ بجمع التكسير الدال على الكثرة ، فتستعمل إحداهما فى معنى الأخرى بقرينة. أما الحالة السّابقة فالمفرد فيها له جمع تكسير على وزن خاص بأحدهما فقط ، فصيغة جمعه مقصورة على نوع منهما وحده ؛ فلم يضع العرب لهذا المفرد نوعين للتكسير ، تكون صيغة أحدهما مستقلة الدلالة على القلة ، وصيغة الآخر مستقلة الدلالة على الكثرة ، وإنما وضعوا له جمعا من نوع واحد ، بصيغة تختص بهذا النوع ، ولكنها مشتركة الدلالة فتدل على الكثرة حينا وعلى القلة حينا آخر على حسب القرائن ، وبرغم أنها من الصيغ الخاصة بأحدهما دون الآخر ـ كما قلنا ـ يستعملونها فى النوعين.
ومما تجب ملاحظته :
١ ـ أن هذه الدلالة العددية التى يدل عليها جمع التكسير هى إحدى نواحى الفرق بينه وبين جمعى التصحيح ؛ ذلك بأن جمع التكسير قد يكون مدلوله عددا محدودا لا يقل عن ثلاثة ، ولا يزيد على عشرة. وقد يكون مدلوله عددا لا يقل عن ثلاثة ، ولكنه يزيد على العشرة ، ـ طبقا للبيان الذى عرضناه (٢) ـ ولكل
__________________
(١) وقد كثر هذا النقل والتبادل فى بعض الصيغ ؛ كصيغة «أفعال» التى للقلة ؛ فقد أشاعوها ؛ فى المعنيين ؛ وإن كانت للقلة أوفر شيوعا. ومن الجائز لنا فى كل وقت أن نستعملها فى المعنيين مثلهم ، فيكون الاستعمال حقيقيا لا مجازيا ؛ بسبب شيوعه عندهم. أما غير الشائع عندهم فنستعمله مجازا ؛ لأن استعمال القليل فى موضع الكثير أو العكس ـ جائز بلاغة ؛ ويكون من قبيل المجاز المرسل الذى علاقته الكلية أو الجزئية ، واستعماله مطرد ، ما دامت شروط المجاز متحققة ، ولا يتوقف على استعمال العرب للكلمة أو الكلمات المجازية ذاتها ، ـ وأنهم استعملوها مجازا ، إذ لا أهمية مطلقا لاستبانة أمرهم فى هذه الكلمة أو الكلمات ؛ لأن استخدام المجاز قياسى بغير قيد ، إلا قيد تحقق شروطه. غير أن العرب إذا استعملوا صيغة الكثرة فى القلة أو العكس وكان هذا الاستعمال كثيرا شائعا فإنه يكون من قبيل الاستعمال الحقيقى لا المجازى ، ويكون استعمالنا إياه حقيقيا كذلك ؛ كاستعمالهم صيغة : «أفعال» فى الكثرة ؛ فهو حقيقى لنا أيضا. بخلاف استعمال «فعل» ـ مثلا ـ فى القلة فانه مجازى.
(٢) فى ص ٥٧٩.