فيصح أن يكون غير ممتنع ـ برغم امتناع الشرط ـ إذا وجد سبب آخر غير الشمس يحدثه ؛ كمصباح مضىء ؛ أو برق ، أو نار ... فالشرط فى هذا المثال ليس السبب الفريد فى إحداث الجواب ؛ فامتناعه لا يستلزم ولا يوجب امتناع جوابه ؛ فقد يمتنع الجواب حينا ؛ ولا يمتنع حينا آخر ؛ على حسب ما تقضى به القرائن والمناسبات.
ومن الأمثلة لامتناع الجواب امتناعا حتميّا تبعا للشرط : لو توقفت الأرض عن الدوران لهلك الأحياء جميعا من شدة البرد أو الحر ـ لو سكنت الأرض ما تعاقب الليل والنهار ـ لو امتنع الغذاء لمات الحى ـ لو اختلت الجاذبية الكونية لا نفرط عقد الكواكب والنجوم ـ لو توقف القلب عن النبض نهائيّا لمات الحيوان ...
ومن أمثلة امتناع الشرط دون أن يستلزم امتناع الجواب استلزاما محتما : لو تعلم الفقير لا غتنى ـ لو استقلّ المسافر الطائرة لبلغ غايته ـ لو قرأ الريفىّ الصحف لعلم أهم الأخبار العالميّة ـ لو واظب الغلام على السباحة لقوى جسمه ـ لو استشار المريض طبيبه لشفى ... فالجواب فى هذه الأمثلة ليس حتمىّ الامتناع ؛ إذ الشرط ليس السبب الوحيد فى إيجاده ، فهناك ما يصلح أن يكون سببا للإيجاد سواه.
ومما تقدم يتبين خطأ التعبير الشائع على ألسنة المعربين وهو : «أنها حرف امتناع لامتناع» ؛ يريدون : أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط. وإنما كان هذا خطأ لما قدمناه من أن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجواب ؛ فقد يستلزمه ، أو لا يستلزمه ـ طبقا للبيان السالف ـ إلا إن كان غرضهم أن ذلك الامتناع هو الكثير الغالب.
والصواب ما ردده سيبويه من أنها : حرف يدل على ما كان سيقع لوقوع غيره ، أى : لما كان سيقع فى الماضى ؛ لوقوع غيره فى الماضى أيضا. وهذه العبارة صحيحة دقيقة ، لا تحتاج إلى تأويل ، أو تقدير ، أو زيادة.
وأما أحكامها النحوية (١) فإنها أداة شرطية قياسية الاستعمال ؛ لا تجزم على
__________________
(١) هذه الأحكام الخاصة غير احكام أخرى مشتركة بين نوعى : «لو» وستجىء فى ص ٤٦٤.