أركب طائرة ـ لا يكون المراد أن ركوبى الطائرة يتكرر بتكرار السفر ، وإنما المراد أن سفرى سيقتضى ركوبى الطائرة مرة واحدة. فإذا تكرر السفر فقد يكون فى الطائرة أو فى غيرها ... بخلاف قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ .......) ، فإن الجواب وهو : الأمر بغسل الوجوه والأيدى وغيرها مما يحتمه الوضوء يقتضى التكرار كل مرة ، لدليل شرعى يوجب الوضوء قبل كل صلاة على من ليس متوضئا.
٦ ـ جزم فعلها لفظا إن كان مضارعا ، ومحلا إن كان ماضيا (١) ؛ بشرط ألا تقترن به فى الصورتين «الفاء» أو «إذا» الفجائية ـ وهما لمجرد الربط ـ كقول الشاعر يصف الحساد :
إن يعلموا الخير يخفوه ، وإن علموا |
|
شرّا أذاعوا ، وإن لم يعلموا كذبوا (٢) |
فالمضارع : «يخفوا» مجزوم بحذف النون. والماضى : «أذاع» مبنى على الضم لمناسبة الواو فى محل جزم. ومثله الماضى : «كذب» ولا محل للجملة الفعلية الماضوية فيما سبق ؛ لأن الجازم قد عمل عمله فى محل الفعل الماضى ؛ فلا يؤثر بعد هذا فى محل الجملة (٣) المشتملة على هذا الفعل.
فإن كان الجواب مقترنا «بالفاء» الرابطة ، أو «إذا» الفجائية التى تحل محلها ـ أحيانا ـ فإن الجازم يؤثر فى مجموع الجملة ، لا فى الفعل وحده ، ولا فى غيره من أجزائها. فتأثيره مسلّط عليها كلها مجتمعة متماسكة الأجزاء ـ ومن بين أجزائها الفاء وإذا الفجائية. ـ فتصير الجملة كلها فى محل جزم بأداة الشرط (٤). ويظهر أثر هذا
__________________
(١) انظر رقم ٢ من «ج» ص ٤٣٦ ولهذا إشارة سبقت فى ص ٣٩٦.
(٢) تقدم هذا البيت لمناسبة أخرى فى ص ٣٩٧.
(٣) ولهذا لا يصح جزمها.
(٤) قالوا : لأنه لو وقع فى هذا الموقع فعل يقبل الجزم لجزم وعلى هذا لا يتسلط الجازم على جزء من أجزاء الجملة دون بقية أجزائها ؛ كذا فى المغنى والكشاف. لكن قال الدمامينى وأقره الشمنى : (الحق أن جملة الجواب لا محل لها مطلقا ، إذ كل جملة لا تقع موقع المفرد لا محل لها. ولا يقال إنها واقعة هنا موقع المفرد ـ وهو الفعل القابل للجزم ـ ؛ لأنها لم تقع موقعه وحده ؛ بل موقعه مع فاعله الذى يتم به الكلام كما يتم بهذه الجملة ...) فعلى الرأى الأول : لو كان اسم الشرط مبتدأ لكانت جملة الجواب فى نحو : (من يقم فإنى أكرمه) فى محل جزم ورفع باعتبارين ؛ هما الشرطية والخبرية ؛ بناء على أن الجواب هو الخبر أيضا ، وعلى الثانى فى محل رفع على الخبرية فقط ؛ كحالها فى نحو : من يقم أكرمه اتفاقا ؛ لظهور أثر أداة الشرط فى المضارع الثانى.
(راجع الخضرى أول الباب) ثم الصبان أيضا عند الكلام على ما يجزم فعلين.
ولا يخلو هذان الرأيان من غموض واضطراب ، ونوع معارضة للحكم الذى قرروه وحققوه خاصا باجتماع المبتدأ والشرط ـ وقد سبق فى رقم ٤ من هامش ص ٤١١ وانظر رقم ٥ من هامش ص ٤١٨ وهامش ص ٤٤٣ ـ