يجيزون أن يكون مضارعا ؛ ولذا يقولون فيما سدّ مسدّه : إنه الجواب الحقيقى ، وليس بالدليل ، ولا بالسّادّ مسدّه. مستدلين بأمثلة كثيرة تؤيدهم ، كالآيتين السالفتين ، وكقول الشاعر (١) :
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم |
|
ليعلم ربى أن بيتى واسع |
فقد حذف جواب الشرط «إن» مع أن فعله مضارع وهو «تك» ، أما جملة «ليعلم*» فهى جواب القسم الذى تدل عليه اللام الداخلة على «إن» ، ولا يصح ـ فى الراجح ـ أن تكون هذه الجملة جوابا للشرط ، لأنه متأخر هنا عن القسم ، ولأن جوابه لا يكون مبدوءا باللام. وكذلك قول الشاعر :
يثنى عليك ، وأنت أهل ثنائه |
|
ولديك إن هو يستزدك مزيد |
والأصل : إن يستزدك ـ هو ـ يستزدك فلديك مزيد.
والأخذ برأى الكوفيين ـ وإن كان ليس بالأعلى هنا ـ أنسب وأيسر ؛ بسبب الشواهد القوية الكثيرة التى تؤيدهم ، وبسبب ما يراه أكثر المحققين ، وهو : أن جواب الشرط قد يكون غير مترتب على فعل الشرط كما أوضحناه من قبل (٢).
ومتى اجتمع الشرطان الخاصان بالحذف صار الحذف غالبا ، وقيل إنه واجب ، والأول أنسب.
هذا حكم الجملة الجوابية من ناحية حذفها حذفا غالبا ، أو واجبا. أما حذفها جوازا فأشهر صوره اثنتان :
الأولى : أن تقع جملة الشرط جوابا لسؤال ؛ نحو : أترشد الغريب؟ فتجيب إن رأيته.
الثانية : أن تشعر الجملة الشرطية نفسها ـ دون سواها ـ بالجواب المحذوف ؛ كقوله تعالى يخاطب الرسول فى شأن المعارضين : (فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلّما فى السماء فتأتيهم بآية ... ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) ، والتقدير : فافعل.
٥ ـ امتناع تكرار مدلولها إذا كان مدلول الجملة الشرطية يقتضى التكرار. إلا إن اقتضى العرف التكرار ، أو قامت قرينة تدل عليه. ففى مثل : إن أسافر
__________________
(١) هو الكميت بن معروف من الشعراء المخضرمين ـ كما جاء فى هامش كتاب : «معانى القرآن» للفراء ، ص ٦٦ ـ
(٢) فى رقم ٦ من هامش ص ٣٩٥ على أن الخلاف بين الفريقين يكاد يكون لفظيا فى تسمية المذكور ؛ أهو جواب أم ساد مسده. كما قلنا فى رقم ٣ من هامش الصفحة السالفة.