فأنت الشجاع ـ أنت محبوب ، إن تلطفت فى القول فأنت محبوب. ومثال الدال عليها وهو متأخر لا يصلح جوابا ، قوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ...)، أى : فلا تحزن فقد كذبت رسل من قبلك ، ـ كما سيجىء ـ (١) فالدال على الجملة الجوابية المحذوفة قد يكون قبلها ، أو بعدها ، أو محيطا بها. وهو فى كل حالاته لا يصلح جوابا.
ومن أمثلة حذفها لدلالة جملة سابقة الشطر الأول من قول الشاعر :
عش وحيدا إن كنت لا تقبل العذ |
|
ر ، وإن كنت لا تغفر زلّه |
ومما يدل عليها : «جواب القسم» إذا كان القسم متقدما على أداة الشرط ، نحو : والله إن رعيت اليتيم ليرعينّك الله. فالقسم محتاج لجواب ، وكذلك أداة الشرط ؛ فحذف جواب المتأخر (٢) منهما ؛ وهو الشرط ، لدلالة جواب المتقدم ـ وهو القسم ـ على المحذوف. ولهذا تعتبر اللام فى المثال داخلة على جواب القسم ؛ كدخولها عليه فى قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ ، وَالْأَرْضَ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ـ ، لَيَقُولُنَّ اللهُ) ، وفى قوله تعالى بلسان الكفار يهدّ دون الرسل : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ) فاللام الداخلة على أداة الشرط : (إن) هى علامة القسم ، واللام المتأخرة داخلة على جوابه. أما جواب الشرط فى الآيتين فمحذوف : لتأخر أداة الشرط. ويدل عليه فى كل منهما جواب القسم المذكور.
ثانيهما : أن يكون فعل الشرط ـ فى غير الضرورة الشعرية ، وعند غير الكوفيين (٣) ـ ماضيا لفظا ومعنى بحسب أصله ، أو معنى فقط ؛ كالمضارع المسبوق بالحرف : «لم». فمثال الماضى لفظا ومعنى : أنت عزيز إن ترفعت عن الدنايا ، أو أنت ـ إن ترفعت عن الدنايا ـ عزيز ... وقول الشاعر :
ونحن أولو المآثر من قديم |
|
وإن جحدت مآثرنا اللئام |
ومثال الماضى معنى لا لفظا قول الشاعر :
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها |
|
سرور محبّ أو إساءة مجرم؟ |
فإن لم يكن فعل الشرط ماضيا بأن كان مضارعا لفظا ومعنى لم يصح ـ فى
__________________
(١) لاحظ ما أشرنا اليه هنا من الرأى الكوفى ، وما سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٤٢٣.
(٢) عملا بالرأى الراجح
(٣) سبق رأيهم فى رقم ٣ من هامش ص ٤٢٣ وسيجىء فى ص ٤٢٧ أنه مقبول.