٤ ـ امتناع حذفها إلا بشرطين :
أولهما : أن يدل دليل عليها بعد حذفها ، ولا يصلح جوابا ؛ ويتحقق هذا الشرط بأن يسبقها ، أو يكتنفها (أى : يحيط بها) ، أو يتأخر عنها ، ما لا يصلح جوابا ، ولكنه يدل على الجواب المحذوف (١) ؛ مثل : أنت الشجاع إن قلت الحق فى وجه الظالم ، أو : أنت ـ إن تلطفت فى القول ـ محبوب. فالجملة الجوابية فى المثالين محذوفة ؛ لوجود ما يدل عليها ؛ وهو الجملة التى قبلها ، أو التى تحيط بها ، وكلتاهما لا تصلح جوابا. والأصل : أنت الشجاع ، إن قلت الحق فى وجه الظالم
__________________
ـ «إن» بخلاف الهمزة ؛ فيجوز معها الجزم على الأصح ؛ نحو : أمن يرضك ترضه ؛ لدخولها على «إن» الشرطية.
ب ـ إذا وقعن بعد ناسخ من باب «كان» أو «إنّ» ؛ لأن اسم الشرط لا يعمل فيه عامل قبله إلا حرف الجر أو المضاف ؛ فانهما قد يجران بعض أسماء الشرط (كما سبق فى ص ٣٩٩ و ٤١١) وغير هذين العاملين لا يعمل فيه. ومن الأمثلة : كان من يرضينا نرضيه ـ إن من يرضينا نرضيه. وأما قول الأعشى :
إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جآذرا وظباء |
فعلى تقدير ضمير الشأن ، أى : إنه من يدخل.
ج ـ إذا وقعن بعد «ما» النافية ؛ لأن «ما» النافية لا تنفى الجملة الشرطية. نحو : ما من يرمينا نرميه.
د ـ إذا وقعن بعد «لكن» ـ ساكنة النون ، أما المشددة فداخلة فى : «ب» السابقة ـ أو «إذا» الفجائية ، نحو : لا أذهب لمن يقاطعنى لكن من يزورنى أزوره ـ مررت بالمحسن فإذا من يستعين به يعينه. وسبب المنع هو أن أداة الشرط (اسما كانت أم حرفا) لا بد أن تكون فى صدر جملة جديدة مستقلة بمعناها وبإعرابها. أما «لكن وإذا الفجائية» فلا بد أن يسبقهما كلام يرتبط به ما بعدهما ارتباطا معنويا بحيث يتصل المعنيان اتصالا وثيقا.
وجاء فى حاشية الصبان أن سريان الحكم على تلك الأدوات بعد «لكن وإذا» الفجائية مشروط بشرط ألا يضمر بعدهما مبتدأ ، فإن أضمر بعدهما مبتدأ جاز جزم المضارع ، تقول : رأيت الشريف فإذا من يزره يكرمه ـ وعلىّ كريم الخلق لكن من يزره يهنه. والتقدير فيهما : فإذا هو من ... ـ لكن هو من .. ولم يرد لهذا الشرط ذكر فى بعض المراجع الأخرى المتداولة ، كالهمع ... ولم أجد فيما رأيت أمثلة مسموعة تؤيد الأخذ به. ولهذا يحسن إهماله ، والبعد عن التأويلات والتقديرات بغير ضرورة.
(راجع فى كل ما سبق الهمع ج ٢ ص ٦١ وما بعدها. وحاشية الصبان عند بدء الكلام على الأدوات التى تجزم فعلين ...).
(١) فالغالب أن تسبقه جملة ، أو تكتنفه ؛ (بأن يقع بين ركنيها الأساسيين). ومن أمثلة الأول الذى تسبقه جملة قول الشاعر :
ربّ ليل كأنه الصبح فى الحس |
|
ن ، وإن كان أسود الطّيلسان |