وهناك حالة يجب فيها جرّ التابع ـ فى رأى أكثر النحاة ـ هى التى يقع فيها المتبوع (المنادى) مجرورا باللام ـ وهذا لا يكون إلا فى الاستغاثة ، وما فى حكمها ـ نحو : يا للوالد والوالدة للأولاد (١).
ويجيز فيه فريق من النحاة أمرين : الجر مراعاة للفظ المنادى ، والنصب
__________________
ـ زيد ـ بالبناء على الضم ـ وقد زعم يونس أن أبا عمرو كان يقوله ، وهو قول أهل المدينة. قال هذا بمنزلة قولنا : يا زيد ؛ كما كان قوله : يا زيد أخانا. بمنزلة : «يا أخانا» فيحمل وصف المضاف إذا كان مفردا ، (أى : الحكم على هيئته وحاله إذا كان غير مسبوق بحرف نداء مباشر) بمنزلته إذا كان منادى. ويا أخانا زيدا أكثر فى كلام العرب لأنهم يردونه إلى الأصل ...)». ا ه
ومن هذا النص الحرفى يتبين أن النصب هو الأصل ، وأنه الأكثر فى المسموع ، وهذا هو الأهم. فلم نعدل عنه إلى غيره مما ليس له قوته ، ولا كثرته ، ولا وضوحه ، وإن قال به قوم ، أو اعتبروه عطف بيان ، برغم وضوح البدلية فى المثال.
ب ـ أما عطف النسق المجرد من «أل» فيقولون : إن حرف العطف معه بمنزلة عامل النداء فكأن حرف العطف داخل على منادى مستقل تجرى عليه أحكام المستقل ، فيبنى على الضم فى مثل : بوركت يا أبا عبيدة وخالد ؛ لأنه مفرد علم ، وينصب فى مثل : بوركتم يا جنود الفتح وأبا عبيدة ، بنصب كلمة «أبا» معربة. فما معنى أن حرف العطف بمنزلة العامل؟ إن قلنا فى كلمة : «خالد» إنها منادى ، فليست إذا بمعطوفة ؛ لأن العطف يقتضى نصبها. وإن قلنا إنها معطوفة على ما قبلها فما قبلها منصوب. فمن أين جاء البناء على الضم؟ قد يقال : إنه على تقدير حرف النداء المحذوف : «يا» وحرف النداء مع المنادى جملة معطوفة على الجملة الندائية الأولى ، فلم يعتبر التابع هنا منادى ، مع أنه لو وصف بكلمة : «ابن» أو «ابنة» لم يعتبر ...؟. وفى هذا كله من الحذف والتقدير والضعف من بعض النواحى ما يقتضى تفضيل الرأى الذى يبيح النصب ، وهو رأى يؤيده السماع أيضا ...
هذا وإباحة النصب واستحسانه تشمل المبدوء بأل ، والمجرد منها. غير أن الأفضل فى المبدوء بأل أن يكون نصبه راجعا لاعتباره معطوفا على المنادى ، أو لاعتباره مفعولا به لفعل محذوف ، أو منصوبا بعامل آخر يقتضى النصب. ولا يصح اعتباره منادى بحرف نداء محذوف ؛ لما يترتب على هذا من الجمع بين «أل» وحرف النداء فى غير المواضع التى يباح فيها الجمع. (انظر ما يتصل بالحكم السابق ، فى رقم ٤ من ص ٥١)
(١) لا يجوز عند أصحاب هذا الرأى ، إلا الجر فى التابع ؛ لأن المتبوع ـ المنادى ـ مجرور اللفظ بحرف جر أصلى. وإذا كان المنادى المستغاث مختوما بزيادة ألف الاستغاثة ، نحو : يا عليّا ، ومحمودا لم يجز فى توابعه الرفع عند فريق ، فلا يصح : «ومحمود» لأن المبتوع مبنى على الفتح ، ويجوز عند فريق آخر الرفع والنصب ؛ لاعتبار المنادى مبنيا على ضم مقدر ، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة ـ فى محل نصب ؛ فيجوز فى توابعه الرفع الشكلى والنصب. وهذا الرأى أوضح وأنسب ـ
وسيجىء فى ص ٤٤ وفى باب الاستغاثة ، ص ٧٩.