وإن كان التّابع بدلا أو عطف نسق مجردا من «أل» (١) فالأحسن أن يكون منصوب اللفظ كالمتبوع ؛ مثل : بوركت يا أبا عبيدة عامرا ؛ فلقد كنت من أمهر قواد الفتح الأوّل. أو : بوركتما يا أبا عبيدة وخالدا ... ولا داعى للتمسك بالرأى الذى يجعلهما فى حكم المنادى المستقل ـ وهو القسم الرابع الآتى (٢) ـ.
فالنصب هو الحكم العام لجميع توابع المنادى المنصوب اللفظ وجوبا ، مع اشتراط التجرد من «أل» فى : «عطف النسق» (٣). غير أن نصب التوابع يكون واجبا فى بعضها ، وجائزا مستحسنا فى بعض آخر ؛ طبقا للبيان السّالف (٤) ...
__________________
(١) وكذا المبدوء بأن ؛ طبقا لما يأتى فى نهاية البيان الذى فى رقم ٤ من هامش هذه الصفحة.
(٢) فى ص ٥١.
(٣) إلا على الرأى الآتى فى نهاية البيان الذى فى رقم ٤ من هامش هذه الصفحة.
(٤) يكاد النحاة يتفقون على الحالات الثلاث السالفة التى يجب فيها نصب توابع المنادى. أما التى يجوز فيها النصب ـ وهى حالة البدل ، وعطف النسق المجرد من «أل» ـ فرأيهم مضطرب ، وخلافهم بعيد المدى. فجمهرتهم ـ وهذا غريب ـ توجب اعتبار كل منهما بمنزلة منادى مستقل ، يخضع لحكم المنادى المستقل ـ ا ـ فتقول فى البدل : بوركت يا أبا عبيدة عامر ... ببناء كلمة : «عامر» على الضم ؛ لأنها مفرد علم. ويقولون : بوركت يا أمير الجيش أبا عبيدة ؛ بنصب كلمة : «أبا» لأنها فى حكم المنادى المضاف. وقد بنوا حكمهم هذا على أساس (أن البدل على نية تكرار العامل) ولما كان العامل هنا ـ فى رأيهم ـ هو حرف : «يا» أو أحد أخوته كان مقدرا وملحوظا قبل البدل أيضا ، فكأنما تقول : «يا عامر ، ويا أبا عبيدة». فالبدل بمنزلة منادى جديد يخضع لحكم النداء كما قلنا.
وهذا الكلام مردود من ناحيتين ـ (وحبذا تركه ، وترك الرد عليه ، الاكتفاء بالحكم السالف الذى ارتضيناه)
أولاهما : أن القاعدة التى يتمسكون بها ليست قاعدة مطردة ، ولا محل اتفاق ، فالذى لا يؤمن بها ـ لأسباب عنده قوية ـ لا يجد مسوغا لإعراب التابع هنا منادى مبنيا على الضم ، إذ لا وجه لهذا الإعراب عنده.
ثانيتهما : أن اعتبار التابع منادى بحرف ملحوظ مقدر ، أو بالحرف المذكور فى صدر الجملة (عند من يرى هذا) سيخرج التابع من نطاق التبعية ويدخله فى نطاق آخر ليس موضوع البحث ؛ هو نطاق : «المنادى». لهذا تساءل بعض المحققين : كيف نقول فى أمثال تلك الكلمة إنها مبنية على الضم لتبعيتها المنادى ، مع أن التبعية إما أن تكون لمراعاة اللفظ أو المحل ، والمنادى هنا منصوب مباشرة ، ليس له محل. فكيف نعتبرها تبعا له؟ ... (راجع حاشية ياسين على شرح التوضيح فى هذا الموضع).
وشىء آخر أهم من الجدل السالف ؛ هو ما نص عليه سيبويه ـ فى الجزء الأول من كتابه ص ٣٠٤ ـ قال للخليل : أرأيت قول العرب : يا أخانا زيدا أقبل؟ قال : عطفوه (أى : عطف بيان) على هذا المنصوب ؛ فصار نصبا مثله. وهو الأصل ؛ لأنه منصوب فى موضع نصب. وقال قوم : يا أخانا ـ