الأول هو الأحسن ، والأجدر بالاقتصار عليه ؛ لأنه أكثر ورودا فى فصيح الكلام وأوضح معنى ، وأبعد من اللبس والخفاء (١) ...
* * *
جواب الأمر والترجى :
كل ما تقدم يسرى على المضارع الخالى من الفاء ، الواقع فى جواب نوع من الطلب ؛ كالأمر ، أو الترجى ، أو غيرهما ... ونخص هذين بشىء من البيان (ا) من أنواع الطلب المحض : الأمر ـ كما عرفنا (٢) ـ والمضارع فى جوابه إذا كان مقرونا بفاء السببية ، يجب نصبه بأن مضمرة وجوبا. وكثرة النحاة تشترط لنصبه هذا أن يكون بالصيغة الصريحة الدالة على فعل الأمر مباشرة ؛ نحو : (ارحم من هو أضعف منك ؛ فيرحمك من هو أقوى منك) ، أو بالصيغة التى تشبهها ؛ وهى لام الأمر الجازمة للمضارع ؛ نحو : (لترحم من هو أضعف منك فيرحمك من هو أقوى ...)
فإن لم تكن الدلالة على الأمر بإحدى هاتين الصيغتين فالفاء بعدها ليست للسببية ؛ كالدلالة باسم فعل الأمر فى مثل : صه عن اللغو ؛ فيرتفع قدرك ، ومثل : مكانك فتحمدين أو تستريحين. أو بالمصدر الواقع بدلا من التلفظ بفعله فى مثل : سعيا فى الخير ، فتجتمع القلوب حولك. أو بصيغة الدعاء بالاسم فى مثل : سقيا لوطن الأحرار فيسعدون به. أو بصيغة الجملة الخبرية بقصد الدعاء ـ أو غيره ـ (٣) نحو : يعينى الله فأحتمل أعباء الجهاد. فالفاء فى كل هذه
__________________
(١) وفيما سبق من جزم المضارع عند سقوط الفاء بعد غير النفى ـ أى : بعد الطلب ـ يقول ابن مالك :
وبعد غير النّفى جزما ـ اعتمد |
|
إن تسقط «الفا» والجزاء قد قصد ـ ١٤ |
وشرط جزم بعد نهى أن تضع |
|
«إن» قبل : «لا» ، دون تخالف يقع ـ ١٥ |
التقدير : (واعتمد جزما بعد غير النفى إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد) ... دون تخالف يقع ، أى : بشرط ألا يقع اختلاف فى المعنى قبل مجىء «إن» سابقة «لا» وبعد مجيئها. وترك الشروط والتفصيلات الأخرى التى أوضحناها.
(٢) فى ص ٣٤٤ وما بعدها.
(٣) أى. بقصد غير الدعاء ، كالأمر ـ كما سيجىء فى الصفحة الآتية ـ.