ومن الأمثلة : لا تهمل الرياضة تضعف ؛ فلا يصح جزم المضارع للسبب السالف ؛ بخلاف : لا تهمل الرياضة تأمن الضعف.
ومن أمثلة الطلب بغير «لا» الناهية : أحسن معاملتى أحسن معاملتك ، فيصح جزم المضارع : «أحسن» ؛ لصحة قولنا : إن تحسن معاملتى أحسن معاملتك ؛ بوضع «إن» الشرطية وبعدها مضارع مناسب موضع فعل الأمر «أحسن». بخلاف : أحسن إلىّ لا أحسن إليك ؛ فيجب رفعه ؛ إذ لا يصح قولنا : إن تحسن إلىّ لا أحسن إليك ؛ لفساد المعنى (١) ...
ومن أمثلة الطلب بغير «لا» الناهية أيضا : أين بيتك أزرك؟ بجزم المضارع ؛ لصحة مجىء «إن» الشرطية وبعدها مضارع متصيد. والتقدير : إن تعرفنى بيتك أزرك. بخلاف : أين بيتك أقف فى السوق ؛ إذ لا يصح : إن تعرفنى بيتك أقف فى السوق ، لعدم استقامة المعنى ؛ بسبب عدم ارتباط أجزائه ، وفقد المناسبة بينها ... وهكذا بقية أنواع الطلب الأخرى ـ ومنها : الأمر والترجى بالتفصيل الآتى (٢) ـ فيجرى على بقية الأنواع ـ فى الأغلب (٣) ـ ما جرى على نظائرها.
وبعض الكوفيين ـ وفى مقدمتهم زعيمهم الكسائى ـ لا يشترط إحلال «إن» مع «لا» النافية محل «لا» الناهية ، ولا إحلال «إن» قبل بقية أدوات الطلب ، ولا ما يترتب على هذا الإحلال من استقامة المعنى أو عدم استقامته. قائلا إن إدراك المراد من الجملة الأصلية ، والتفريق بين الغرض المقصود منها وغير المقصود ـ مرجعه القرائن وحدها ، فعليها دون غيرها المعوّل. ففى مثل قولك للمشرك : «أسلم تدخل النار» يجيز جزم المضارع «تدخل» على معنى : إن لم تسلم تدخل النار ؛ فهو يقدر وجود النفى ، بشرط وجود قرينة توجه الذهن إليه. فى حين يستبعد النفى ويهمله إن كان الطلب نهيا ، ويجعل الجملة المضارعية
__________________
(١) فى آخر الهامش من الصفحة الآتية أمثلة متعددة تحقق فيها الشرط الثالث ، وأخرى لم يتحقق.
(٢) فى ص ٣٧٣.
(٣) إلا التمنى الذى أداته : «لو» فإنه كالنفى ؛ لا يجزم المضارع فى جوابه عند غيبة الفاء. ويعللون عدم الجزم بعد «لو» : (بأن إشرابها التمنى طارئ عليها ؛ فلذا لم يسمع الجزم بعدها)» فإذا صح هذا التعليل الذى سجله الصبان نقلا عن ابن هشام والسيوطى ـ فانه منطبق أيضا على «ألا» التى للتمنى. فلماذا سكتوا عنها؟ ـ انظر ما يتصل بهذا فى ص ٣٤٨ وفى رقم ٣ من هامش ص ٣٦٦.