الأداة الخامسة : واو المعيّة (١) :
فائدتها :
الدلالة على أن المعنى الذى قبلها والذى بعدها مصطحبان معا عند حصول مدلولهما وتحققه ؛ لا يسبق أحدهما الآخر ولا ينفرد ، أى : أنهما متلازمان عند التحقق ؛ ويحصلان معا فى زمن واحد يجمعهما ؛ ففى مثل : أتبتسم وتصافح الزائر؟ بنصب المضارع : «تصافح» يكون الاستفهام منصبّا على تحقق الابتسام والمصافحة معا فى وقت واحد للزائر ، ولا يتجه إلى تحقق أحدهما دون الآخر ، ولا يتجه كذلك إلى تحققهما فى زمنين مختلفين. فكأنّ من ينطق بهذه العبارة ، وينصب فيها المضارع بعد الواو ـ يقول : أنا أسأل عن تحقق الأمرين معا فى وقت واحد ، ولا أسأل عن غير هذا.
ومثل : لا يتكلم الخطيب ويقعد. بنصب المضارع : «يقعد» فإن النفى مسلط على اجتماع القعود والتكلم ووقوعهما معا فى وقت واحد ؛ فكأن المتكلم يقول : إنهما لا يحصلان معا فى وقت واحد. أما نفى حصول أحدهما فقط أو نفى حصولهما فى زمنين مختلفين فلا يفهم من هذه الجملة. ومثله : لا يترك العاقل عمله ويلعب ، ولا يقعد عن السّعى وينتظر الرزق ؛ بنصب : «يلعب» ، و «ينتظر» فيكون المراد نفى الجمع فى وقت واحد بين الترك واللعب ، وكذا نفى اجتماع القعود عن السعى وانتظار الرزق فى زمن واحد. ونحو : لا تأكل وتتكلم. بنصب المضارع «تتكلم» إذا كان الغرض النهى عن الجمع بين الأكل والكلام فى وقت واحد.
ولما كانت هذه الواو دالة على اجتماع المعنيين واصطحابهما معا وقت تحققهما ـ سميت لذلك : «واو المعية» أى : «الواو» التى بمعنى : «مع» (٢) ؛ فهى تدل دلالتها على الجمع والمصاحبة بين أمرين فى وقت واحد.
__________________
(١) وتجرى عليها الأحكام التى سببقت فى رقم ٢ من هامش ص ٢٩٨.
(٢) المعنى لا يتغير مع كل منهما ، ولكن الإعراب يختلف. فواو المعية حرف عطف ـ على الأشهر ، كما سيأتى ـ والمضارع بعدها منصوب بأن مضمرة وجوبا ، والمصدر المؤول معطوف على مصدر سابق ... أما كلمة : «مع» فظرف منصوب ، وهو مضاف ـ غالبا ـ فبعده اسم مضاف إليه ، ولا يقع بعده المضارع مباشرة ... وواو المعية التى هنا تختلف عن واو المعية التى يليها المفعول معه ؛ فإن التى يليها المفعول معه حرف مجرد للدلالة على المعية وليس عاطفا أو غير عاطف. أما التى هنا فحرف عطف ، مع دلالته ـ دائما ـ على المعية نصا ، ـ