فالمضارع : «أستريح» منصوب على اعتبار الفاء ـ للضرورة ـ سببية ، كما يقول كثير من النحاة (١).
(ب) قلنا (٢) إن أكثر النحاة يشترط فى فاء السببية بعد الاستفهام ألا يكون الاستفهام عن أمر قد حصل فى الزمن الماضى حقيقة ؛ فيخرج نحو : لم أسأت إلى الصديق فيقاطعك؟ فلا ينصب المضارع : لأن الإساءة وقعت فعلا. وحجته أنه إذا سبك المصدر المؤول بعد الفاء كان هذا المصدر المؤول مستقبلا ، يجب عطفه على مصدر قبل الفاء ، ويجب أن يكون مستقبلا أيضا ؛ ليتحد «المعطوف والمعطوف عليه» فى الزمن ـ عملا بالرأى الراجح ـ فلو كان ما قبل الفاء ماضى الزمن لجاء المصدر «المعطوف عليه» ماضى الزمن أيضا ؛ فيختلف فى زمنه عن زمن المعطوف المستقبل.
أما الذين لم يشترطوا عدم المضى فحجتهم ما ورد من مثل : أين ذهب الرسول فنتبعه ، بنصب : «نتبع» مع أن المعنى فى ذلك قد وقع فى زمن مضى. ثم قالوا : إن لم يمكن الوصول إلى مصدر مستقبل من الكلام الذى قبل «الفاء» مباشرة فمن الممكن تصيده والوصول إليه من مضمون ذلك ولازمه ؛ كأن نقول : ليكن منك إعلام بذهاب الرسول ، فاتّباع منا.
مع أن الرأى الأول دقيق محكم ، وله الأفضلية ، والاعتبار الأقوى ـ فالأنسب الأخذ بالرأى الثانى ليكون الحكم مطردا ، فيقل التشعيب والتفريع ، ولأن التقدير فيه روعى مثله فى أحوال أخرى مع فاء السببية ، كما يتبين مما سبق (٣) ...
* * *
__________________
(١) لا داعى لهذا ، فخير منه أن تكون للعطف المجرد والمضارع بعدها مرفوع ، لعطفه على مثله المرفوع ، وإنما حرك بالفتحة للضرورة ؛ وهى مراعاة القافية. ومثله المضارع «يعصم» فى قول شاعرهم :
لنا هضبة لا ينرل الذلّ وسطها |
|
ويأوى إليها المستجير فيعصما |
والمراد بالهضبة هنا : صولة قومه ، وعزتهم ، ومنعتهم.
(٢) فى رقم ٤ من ص ٣٤٧.
(٣) فى ص ٣٣٦.