محتوم الوقوع ؛ فأشبه الاستفهام والأمر وغيرهما من أنواع الطلب التى ليست محققة الوقوع. وأن علة جواز نصبه بعد فعلى الشرط والجواب معا هو أن الجزاء غير محقق الوقوع ، ولا محتم الحصول ، فالواقع بعده كالواقع بعد الاستفهام ونحوه ... هذا كلامهم. وكأنهم يرجعون هاتين الصورتين إلى «الطلب» تقديرا. ولا محل للتقدير ؛ فالعلة الصحيحة هى محاكاة كلام العرب فى استعمالهم ، ليس غير ...
٤ ـ الفاء الداخلة على المضارع المسبوق بأداة الحصر : «إنما» ؛ نحو : إنما أنت العالم فتفيد ؛ فيجوز نصب المضارع : «تفيد» على اعتبار الفاء سببية ، وعدم نصبه على اعتبارها غير سببية (١).
وإلى هنا انتهت الحالات الأربع التى تقع فى النثر والشعر ، أى : فى حالتى الاختيار والضرورة. ويليها الحالتان المقصورتان على الضرورة الشعرية وهما :
٥ ـ الفاء الداخلة على المضارع المسبوق بأداة الحصر : «إلا» ، نحو : ما تتكلم إلا فتحسن الكلام (٢).
٦ ـ الخبر المثبت الخالى من النفى ومن الطلب ومن الحصر «بإلّا» كقول الشاعر :
سأترك منزلى لبنى تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
__________________
(١) يذكر النحاة لهذه الحالة مثالا هو قوله تعالى : (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فى قراءة من نصب : «يكون» باعتبار الحصر منزلا منزلة الطلب تأويلا. ولم يجعل المضارع منصوبا بعد الفاء فى جواب «كن» لعدم وجود قول : «كن» حقيقة ؛ إذ لا ينطق بها الله حين يريد خلق شىء من العدم ، وإنما هى كناية عما يسمى «تعلق القدرة تنجيزا بوجود شىء». هذا إلى أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب عنه فى صيغة الفعل والفاعل ؛ فلا بد من اختلافهما فيهما ، أو فى أحدهما ؛ فلا يقال قم تقم. ويقول ابن هشام ـ فيما نقله عنه والصبان : إن الجواب لا بد أن يخالف المجاب : إما فى الفعل والفاعل ؛ نحو : جئنى أكرمك ، أو فى الفعل ، نحو : أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ، أو فى الفاعل ؛ نحو قم أقم. ولا يجوز أن يتوافقا فيهما.
(٢) لم أجد فيما رأيته من المراجع النحوية مثالا من الشعر ؛ كى تتحقق فيه الضرورة. فأمثلتهم المعروضة نثرية. ولعلهم يريدون ما يكون مثلها فى النظم.