زيادة وتفصيل :
(ا) تقدم (١) أن الفاء لا تكون سببية ينصب بعدها المضارع «بأن» المضمرة وجوبا إلا بشرط أن يسبقها إما النفى المحض أو شبهه ، وإما الطلب المحض أو غير المحض ... لكن هذا الشرط هو الأغلب فى أكثر الحالات ، فهناك حالات ست يصح اعتبار الفاء فى كل منها سببية مع فقد هذا الشرط ، فعند اعتبارها سببة بنصب المضارع حتما ، بأن مضمرة وجوبا ، وعند عدم اعتبارها لا ينصب. والأربعة الأولى تكون فى حالتى الاختيار والضرورة الشعرية ، والأخيرتان خاصتان بالضرورة الشعرية.
١ ـ الفاء الواقعة بعد نفى مسبوق باستفهام تقريرى ، نحو : ألم تشهد بدائع الأزاهير فى مطلع الربيع فتنعم بها؟ فيجوز رفع المضارع : «تنعم» ، ونصبه على أحد الاعتبارين (وقد سبق (٢) الكلام الجلىّ على هذا فى موضعه المناسب). ٢ ـ الفاء الواقعة بعد نفى قد نقض «بإلا» ـ الاستثنائية ، وكان النقض بعد الفاء والمضارع ؛ نحو : ما تزورنا فتحدثنا إلا تسرّنا بطرائفك الأدبية (٣).
٣ ـ الفاء الداخلة على المضارع المتوسط بين فعل الشرط وجواب الشرط ، أو بعدهما. نحو : من يهن فيقبل يسهل الهوان عليه ؛ ومن يسهل الهوان عليه يفقد كرامته ؛ فيحرم سعادة الحياة. فالفعلان : «يقبل ، ويحرم» ، يجوز نصبهما على اعتبار الفاء للسببية ، ويجوز عدم النصب على اعتبارها ليست سببية (٤) ...
ويقول النحاة : إن السبب فى جواز النصب هنا ـ حيث لا نفى ولا طلب ـ أن فاء السببية تعطف المصدر بعدها على مصدر قبلها ، وفعل الشرط قبلها غير
__________________
(١) فى ص ٣٣٤ وما بعدها.
(٢) فى رقم ١ من هامش ص ٣٣٦ وفيها بيان المراد من الاستفهام التقريرى.
(٣) وقد سبق شرح هذا عند الكلام على النفى ، فى «ب» من ص ٣٣٤.
(٤) سيجىء فى الجوازم (ص ٤٤٦) الأوجه الأخرى الجائزة فى المضارع المتوسط بين جملة الشرط وجملة الجواب. ومن هذه الأوجه الجائزة الرفع ؛ فهناك الموضع المناسب.