فإن لم تصلح «أو» العاطفة لأن تكون بمعنى : «حتى» أو : «إلا» لفساد المعنى بوضع إحداهما فى موضعها ، كانت لمجرد العطف ؛ فلا ينصب المضارع بعدها ، إلا أن اقتضى المعنى بعدها نصب المضارع لسبب آخر غير السالف (١) ... فإن اقتضى المعنى نصب المضارع لسبب غير ما تقدم : وجب نصبه «بأن» أيضا ، ولكن يجوز إظهارها وإضمارها ، كقول أحد الولاة لشاعر هجّاء : (لو لا شعرك الجيد أو يحرم أولادك عائلهم لقطعت لسانك. فلا عفو بعد اليوم ، أو أقبل شفاعة). ويصح إظهار «أن» فنقول : أو أن يحرم أولادك ... أو أن أقبل شفاعة. وفى كلتا الحالتين يعرب المصدر المنسبك من «أن» (الظاهرة أو المضمرة جوازا) مع ما دخلت عليه ، معطوفا. أما المعطوف عليه فلا بد أن يكون اسما صريحا قبل «أو» (٢) ، وهو هنا : «شعر ، وعفو». والتقدير : لو لا شعرك ، أو حرمان أولادك ... فلا عفو أو قبول شفاعة ... ومن هذا قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ...) بمعنى : أو أن يرسل رسولا. فالمضارع «يرسل» منصوب «بأن» مضمرة جوازا ، وفاعله مستتر جوازا تقديره : هو ، والمصدر المؤول معطوف على الاسم الصريح : «وحيا» والتقدير : إلا وحيا أو إرساله رسولا ...
* * *
ملاحظة : لما كانت «أو» التى ينصب بعدها المضارع بأن المضمرة وجوبا أو جوازا ، حرف عطف ـ وجب أن يكون المصدر المؤول بعدها معطوفا على شىء قبلها يناسبه (٣) ؛ (كمصدر صريح ، أو مؤول ، وكاسم جامد ليس بمصدر ...) فإن
__________________
(١) سيجىء فى «د» من الزيادة والتفصيل (ص ٣١٢) ، بيان السبب الذى يقتضى نصب المضارع بعد «أو» العاطفة.
(٢) عملا بقاعدة نصب المضارع بأن مضمرة جوازا بشروط ، منها : أن يكون المصدر المؤول من «أن» وما دخلت عليه معطوفا على اسم صريح خالص مذكور ... و ... وقد سبقت فى ص ٢٧٠.
(٣) يجب أن يكون المعطوف مذكورا ـ فى الأغلب ـ وجامدا حين يكون نصب المضارع بأن مضمرة جوازا ؛ (طبقا لما تقدم إيضاحه فى ص ٢٧٠) ، ولا يصح فى حالة نصب المضارع أن يكون المعطوف عليه فعلا أو مشتقا يشبهه ؛ إذ لو كان المصدر المؤول ـ وهو بعد التأويل اسم صريح ـ معطوفا على فعل أو ما يشبهه لاختلف الأمر بين التابع والمتبوع فى أمور ؛ أهمها الزمن ، والذات ، ذلك لأن المصدر المؤول بعد إتمام تأويله يدل على المعنى المجرد الخالى من الزمن ومن الذات ، فى حين يدل الفعل على الزمن ، وتدل المشتقات العاملة على الزمن ، ومعه صاحب المعنى (أى الذات).
وقد أشرنا إلى صحة وقوع المعطوف عليه اسما جامدا محضا (أى اسما جامدا غير مصدر) نحو : ـ