والنفى منصبّ فى الحالتين على معنى كل الكلام الذى يليه ، شامل ما قبل اللام وما بعدها.
٣ ـ أن فعل «الكون» إما ماض لفظا ومعنى ؛ كالأمثلة الثلاثة الأولى ، وإما ماض معنى فقط ؛ كالثلاثة الأخيرة التى وقع فيها فعل «الكون» مضارعا مسبوقا بالحرف الجازم «لم» ، وهذا الحرف إذا دخل على المضارع قلب زمنه ماضيا ـ فى الغالب ـ ، مع ترك صورته اللفظية المجزومة على حالها ، فيصير مضارعا فى لفظه ، ماضيا فى زمنه ومعناه.
٤ ـ أن فعل الكون الناسخ يليه ـ مباشرة ـ اسمه ظاهرا ، لا ضميرا ، ثم مضارع منصوب ، مبدوء بلام مكسورة. أما خبره فعامّ محذوف ، يجب أن يتعلق به الجار مع مجروره. والجار هو «اللام» التى اشتهرت باسم : «لام الجحود» (١) والتى تتصل بالمضارع ـ كما قلنا ـ والمضارع بعدها منصوب «بأن» مضمرة وجوبا ، والمصدر المكون من «أن» وما دخلت عليه من المضارع وفاعله ـ فى محل جر «بلام الجحود». والجار والمجرور متعلقان بالمحذوف العام المنصوب ، لأنه خبر الناسخ. والتقدير ما كان الحرّ مهيأ أو مريدا لقبول الضيم ... أو ما شابه هذا.
فعند إعراب المثال الأول نقول : (ما) نافية ـ (كان) : فعل ماض ناقص ـ (الحر) اسمها مرفوع ـ (ليقبل) : اللام لام الجحود ، حرف جر أصلى ـ (يقبل) : مضارع منصوب «بأن» مضمرة وجوبا ، وفاعله مستتر جوازا تقديره : هو ـ (الضيم) مفعول به. والمصدر المؤول من المضارع وفاعله مجرور باللام ، والتقدير : لقبول ... والجار مع مجروره متعلقان بمحذوف منصوب خبر «كان» والتقدير : ما كان الحرّ مهيأ أو مريدا لقبول الضيم ...
ولا يختلف إعراب «إن» النافية عن إعراب : «ما» ، فى شىء مطلقا ـ عند من يبيح دخول «إن» ـ فكلاهما يصحّ أن يحل محل الآخر بغير تفاوت بينهما.
__________________
(١) فى نوع هذه اللام آراء تجىء فى ص ٣٠٢ ، والجحود ، هو : النفى ـ كما تقدم ـ لأنها تقوى معنى النفى فى الجملة كلها ؛ (قبلها وبعدها) إذ لا تقع إلا بعد كون منفى عام ، والمعنى بعدها منفى أيضا ؛ لتعلقها مع مجرورها بالخبر العام المحذوف المنفى ؛ فيسرى النفى منه إلى المصدر المؤول الذى يليها مباشرة ، وهو مجرورها. ـ كما سيجىء فى «ج» من ص ٣٠٤ ـ.