قبول الضيم ، أو مستعدا أو مستسيغا قبوله فى وقت مّا. فالنفى منصبّ على ما قبل اللام وما بعدها معا (أى : أنه واقع على الكلام كله) فهو نفى عامّ لهذا ، ولأنه ـ أيضا ـ شامل جميع حالات الحرّ ، دون التقييد بحالة معينة ، أو الاقتصار عليها.
ومن نطق بالثانية نفى عن الطبيب نفيا باتّا فى جميع أحواله أنه تباطأ فى إنقاذ مريضه ، وأنه رضى ذلك ، أو أراده فى صورة من الصور ؛ فكأنما قال : ما كان الطبيب مريدا (١) التوانى مطلقا ، ولا راضيا به ، مهما كانت حالته وصورته. فالنفى عام ينصبّ على ما قبل اللام وما بعدها ، ويشمل كل حالات الطبيب ؛ فهو عام بسبب هذين الأمرين.
والغرض الضمنى الذى يرمى إليه الأسلوب من وراء ظاهره هو أن الحرّ لم يخلق ولم يوجد مطلقا لما نفى عنه ، وكذلك الطبيب. ومثل هذا يقال فى الصور الأخرى المعروضة ، وما يشاكلها : فكل منها يرمى إلى نفى شىء نفيا قاطعا ينصبّ على ما قبل اللام وما بعدها معا ، ويشمل جميع الحالات المعنوية التى يتضمنها الكلام ـ كما يرمى إلى أن الذى نفى عنه ذلك الشىء لم يرض به مطلقا ، ولم يهيأ لقبوله ، وإنما خلق وهيئ لدفعه ورفضه. فهذا أسلوب يبلغ الغاية فى قوة الجحد ؛ إذا أريد به الاتجاه المعنوى السالف.
وبملاحظة كل جملة ـ مما سلف ـ نجدها تشتمل على أربعة أمور مجتمعة : ١ ـ الفعل الناسخ : «كان» أو «يكون» ـ دون غيرهما من سائر الأفعال الناسخة أو التامة. وكلاهما يسمى : «فعل كون» ؛ لاشتقاقه من المصدر «كون» الذى يدل على الوجود العام (المطلق).
٢ ـ وجود حرف نفى (٢) قبل فعل «الكون» الناسخ. وهذا النافى المسموع هو : «ما (٣)» أو : «لم» وتختص «ما» بالدخول على : «كان» ، الماضية الناسخة ، وتختص «لم» بالدخول على المضارع المجزوم : «يكن» الناسخ ولا يصلح للدخول عليه غيرها (٤)
__________________
(١) انظر رقم ٣ من هامش الصفحة السابقة.
(٢) بشرط بقاء النفى على معناه ، وعدم نقضه بشىء مثل «إلا» التى للاستثناء ، أو إحدى أخواتها (كما سيجىء فى رقم ١ من هامش ص ٣٠١ وص ٣٠٥) ـ
(٣) فلا تصلح : «لن» ؛ لأنها لنفى زمن المضارع المستقبل. والمطلوب هنا أن يكون زمنه ماضيا ، ولا تصلح : «لا» ؛ لكثرة استعمالها فى نفى المستقبل. ولا تصلح : «لمّا» الجازمة ؛ لأنها لنفى معنى المضارع بعد أن تقلب زمنه للماضى مع اتصاله بالزمن الحالى ؛ فلا يكون زمنه للماضى الخالص المطلوب هنا.
(٤) أو «إن» النافية عند فريق كما فى الصفحة الآتية.