المسألة ١٤٩ :
الأدوات الخمس (١) التى ينصب بعدها المضارع «بأن» مضمرة
وجوبا (٢).
الأداة الأولى : لام الجحود (أى : النفى) ونمهد لها بالأمثلة التالية :
ما كان الحّر ليقبل الضيم.
ما كان الطبيب ليتوانى عن المريض.
ما كان العامل ليسارع فى الاتهام.
لم يكن ربيب السوء لينسى نشأته.
لم يكن المتقن ليرضى بالنقص.
لم يكن الأديب ليقرأ تافه الكلام.
ما المعنى الدقيق الذى قصده الناطق بإحدى هذه الجمل؟
إن من نطق بالأولى نفى عن الحرّ نفيا قاطعا أنه قبل فى حالة من حالاته الضيم ، أو سكت عليه ، مهما كانت الدواعى. فكأنه قال : ما كان الحرّ مريدا (٣)
__________________
(١) وهى :(«لام الجحود» فى هذه الصفحة) ـ (أو» فى ص ٣٠٧) ـ («حتى» ، فى ص ٣١٤) ـ («فاء السببية» فى ص ٣٣١) ـ («واو المعية» ، فى ص ٣٥٤) ويزاد على هذه الخمسة : «ثم» عند نحاة الكوفة ـ كما سيجىء فى ص ٣٦٤ ـ ، «وكى التعليلية» المحضة عند من يرى أنها لا تنصب بنفسها ، وإنما تنصب بأن مضمرة وجوبا ، ولا داعى للأخذ بهذا الرأى. (كما سبق عند الكلام عليها فى ص ٢٨٧.
هذا ، ويثور الجدل ـ ولا سيما اليوم ـ حول الداعى إلى إضمار «أن» جوازا ووجوبا ، وأثرها فى نصب المضارع ، وسيجىء فى ص ٣٧٨ الاعتراض ودفعه ، بعد أن نفرغ من مواضع الإضمار ، ونفهم حقيقته ، وما يتصل به من تأويل المصدر.
(٢) «ملاحظة هامة» من أحكام هذه الأدوات أنه :
ـ ا ـ لا بد من سبك الجملة المضارعية بعدها بمصدر مؤول يعرب على حسب الحالة.
ـ ب ـ لا يصح الفصل بين هذه الأدوات والمضارع المنصوب بفاصل مطلقا ؛ إلا «لا» النافية إذا اقتضاها المعنى ولم يمنع من وجودها مانع
ـ ج ـ لا يصح تقديم معمول هذا المضارع على الأداة
ـ د ـ لا يصح الفصل بأجنبى بين أجزاء الجملة الفعلية المضارعة.
(٣) إنما قدروا هنا الخبر «مريدا» أو مهيأ ، أو مستعدا ... ، فرارا من تقدير الكلمة الشائعة ؛ وهى : «موجود» ؛ لكيلا يتسرب منها الوهم إلى أن «كان» هنا بمعنى : «وجد» وهى «كان» التامة التى لا تصلح قبل «لام الجحود» أما التى تصلح فلا بد أن تكون ناسخة ، كما سيجىء .. ولا مانع من تقدير الخبر المحذوف بكلمة : «موجود» مع إدراك أن فعل «الكون» قبلها لا بد أن يكون ناسخا ، لا تاما.