ومن العرب من يجيز صرف تلك الألفاظ ، فيقول : ادخلوا ثلاث ثلاث ، أو ثلاثا ثلاثا ... وهكذا. وعند صرفها يعدها أسماء مجردة من الوصفية. والرأى الأول أكثر وأشهر.
الثانية : كلمة «أخر» ؛ فى مثل : (سجل التاريخ لعائشة أم المؤمنين ، ولنساء أخر أثرهن فى السياسة ، والثقافة ، ونشر العلم) ، فهى جمع ، مفرده : «أخرى» و «أخرى» مؤنث للفظ مذكر ؛ هو : «آخر» ... (بفتح الخاء) ، على وزن : «أفعل» ، ومعناه : أكثر مغايرة ومخالفة ـ فلفظ : «آخر» هنا : «أفعل للتفضيل» ، مجرد من «أل» والإضافة ؛ فحقه أن يكون مفردا مذكرا فى جميع استعمالاته ولو كان المراد منه مثنى ، أو جمعا ، أو مؤنثا ، وهذا ما تقتضيه الأحكام العامة لأفعل التفضيل ؛ (نحو : المتعلم والمتعلمة أقدر على نفع الوطن من غيرهما ـ الإخوان والأصدقاء أنفع فى الشدة ، وأبعد عن التقصير ـ ليس بين النساء أفضل ، ولا أحسن من الساهرات على تربية أولادهن ...) وبناء على هذا الحكم العام يكون القياس فى المثال السابق وأشباهه أن نقول : لعائشة أم المؤمنين ولنساء آخر ـ بمد الهمزة وفتح الخاء ـ أثرهن ... لكنّ العرب عدلوا عنه ، وقالوا ؛ نساء «أخر» بصيغة الجمع ، ومنعوه من الصرف ؛ فكان العدل بانضمامه للوصفية سببا فى منعه من الصرف وإن شئت فقل : كان منعه من الصرف دليلا على وجود العدل فيه مع الوصفية(١).
وإذا زالت الوصفية وحدها وحلّ محلها العلمية بقى الاسم على منع الصرف ؛ لاشتماله فى حالته الجديدة على علتين مانعتين معا لصرفه ؛ وهما العلمية والعدل. كتسمية إنسان : «مثنى» أو «ثلاث» أو نحوهما مما كان فى أصله وصفا معدولا ، ثم صار علما باقيا على حاله من العدل ...
ويتبين مما سبق فى الصور الثلاث الخاصة بالوصفية ومعها العلامة الأخرى ، أن الوصفية إذا اختفت وحدها بسبب أن الاسم صار علما مزيدا ، أو علما على وزن الفعل ، أو علما معدولا ـ بقى هذا الاسم ممنوعا من الصرف كما كان ، ولكن
__________________
(١) العدل هنا تحقيقى ، ـ سبقت الإشارة له فى رقم ١ من هامش ص ٢١٢ ـ وفى هذا التعليل ما فى سابقه من ضعف. والعلة الصحيحة هى مجرد الاستعمال العربى الصحيح ، وقد بسطنا تعليل النحاة كاملا ، وعرضنا رأيهم فى «أخر» ومنعها من الصرف ، وفى أنها للتفضيل أو ليست له ... ثم الرد عليه فى الجزء الثالث (باب أفعل التفصيل ص ٣١٠ م ١١٢) فلا داعى للتكرار والإطالة ؛ علما بأن المعروض فى باب التفضيل هامّ ، ومفيد.