(ا) فالذى يمنع صرفه لوجود علامة واحدة هو ما يكون مشتملا على «ألف التأنيث المقصورة أو الممدودة». وكذلك ما يكون على وزن «صيغة منتهى الجموع».
١ ـ فالمقصورة ألف تجىء فى نهاية الاسم المعرب ، لتدل على تأنيثه ، ومثلها الممدودة ، إلا أن الممدودة لا بد أن يسبقها ـ مباشرة ـ ألف زائدة للمدّ ؛ فتنقلب ألف التأنيث همزة (١) ... ومن أمثلة المقصورة : («ذكرى» مصدر ، نكرة للفعل : ذكر : بمعنى تذكّر) و («رضوى» علم على جبل بالحجاز ، بالمدينة) ، و (جرحى ؛ جمع : جريح) و (حبلى ، وصف للمرأة الحامل ...)
وعند إعراب هذه الكلمات نقول فى حالة الرفع : إنها مرفوعة بضمة مقدرة على الألف ، وفى حالة النصب منصوبة بفتحة مقدرة على الألف ، ونقول فى حالة الجر :
__________________
ـ والحاجة ضعف. فإذا وجد فى الاسم ضعفان معا لفظى ومعنوى ، أو ضعف واحد آخر يقوم مقامها فقد شابه الفعل ، واستحق منع التنوين ، كما فى مثل : «فاطمة» فقد وجد فى هذا الاسم الضعف اللفظى ، وهو علامة التأنيث ، إذ التأنيث فرع التذكير ، ووجد فيه الضعف المعنوى ؛ وهو : العلمية التى هى فرع التنكير : أما النوع الواحد من الضعف الذى يقوم مقام الاثنين فمحصور فى ألف التأنيث بنوعيها : (المقصورة والممدودة) ، وفى صيغة منتهى الجموع. فوجود ألف التأنيث فى آخر الاسم هو علة لفظية ، وملازمتها إياه فى كل حالاته هى علة معنوية. وخروج صيغة منتهى الجموع عن أوزان الآحاد العربية علة لفظية ، (إذ ليس فى تلك الآحاد مفرد ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم ، كعذافر للجمل القوى والأسد ، أو تكون ألفه عوضا عن إحدى ياءى النسب كيمان وشآم ، وأصلهما يمنىّ ، وشأمىّ ، (بالياء المشددة) حذفت إحدى الياءين تخفيفا ، وجاءت الألف عوضا عنها ، وفتحت همزة شآمى بعد سكونها ومدت ؛ فصار يمانى وشآمى. ثم أعل إعلال المنقوص (كوال ، وراع) فصار يمان وشآم ـ كما سيجىء فى جمع التكسير ص ٥٧٧ و ٦٢٠ ـ ومثلهما ثمان ، فأصله ثمنىّ ، نسبة إلى الثّمن ، فتح أوله تخفيفا ثم حذفت إحدى الياءين ... إلى آخر مامر ، وغير ذلك مما لا تجاريه ولا توافقه صيغة منتهى الجموع) .. أما العلة المعنوية فى صيغة منتهى الجموع فدلالتها على الجمع ... إلى غير هذا مما يقولون.
وقولهم بادى التكلف والصنعة ، لا يقوى على الفحص ، وقد آن الوقت الإهماله نهائيا ، لأنه لا يثبت أمام الاعتراضات التى تتجه إليه من بعض النحاة القدامى والمحدثين. وقد عرضنا ملخص رأيهم فى الجزء الأول (ص ٢٠ م ٣ عند الكلام على التنوين) ثم أوضحنا بعده أن التعليل الحق فى «الصرف» وفى منعه هو : كلام العرب الأوائل ، واستعمالهم الصحيح الوارد إلينا ، والذى نحاكيه.
(١) لألف التأنيث بنوعيها أوزان مشهورة ، تضمنها الباب الخاص بالتأنيث. (وسيأتى فى ص ٥٤٢) وألف التأنيث الممدودة ليست فى الحقيقة هى الممدودة ، كما يتبين من الشرح السالف ، إنما الممدود ما قبلها فوصفت بالمد لملاصقتها له ؛ كما سيجىء فى الزيادة ـ ص ١٩٧ ـ.