جماعة ، أو ياء مخاطبة ، أو نون نسوة) فإن أريد توكيده مع وجود فاصل من هذه الضمائر البارزة جاز ولكن من غير بناء على الفتح. ويترتب على هذا التوكيد عند وجود الضمير الفاصل وقوع تغييرات حتمية تختلف باختلاف آخر المضارع ؛ أهو صحيح الآخر أم معتله؟ وفيما يلى بيان هذه التغييرات الحتمية (١) :
(ا) إسناد المضارع الصحيح الآخر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيد ، وبتوكيد :
١ ـ إذا كان المضارع صحيح الآخر ؛ مثل : «تفهم» ، وأردنا إسناده لألف الاثنين من غير توكيد ـ قلنا : أنتما تفهمان. والإعراب : «تفهمان» ، مضارع مرفوع بثبوت النون ، والألف فاعل. فهو معرب حتما.
أما عند التوكيد ، وقبل إحداث التغيير فنقول : «أأنتما تفهماننّ؟» بنون التوكيد الثقيلة المفتوحة ، ولا يصح ـ فى الأرجح ـ مجىء الخفيفة بعد ألف الاثنين (٢). والمضارع هنا معرب أيضا ؛ لوجود الضمير : (ألف الاثنين) فاصلا بينه وبين نون التوكيد المشددة. غير أنه اجتمع فى آخر اللفظ ثلاثة (٣) أحرف زوائد ،
__________________
(١) سنذكرها بتفصيل وإسهاب وجلاء ؛ لدقتها وخفائها على كثير ، مع شدة الحاجة إليها فى غالب الأساليب الهامة. هذا إلى أن فهمها واستيعاب صورها يساعد أيما مساعدة على فهم أحوال فعل الأمر عند إسناده لهذه الضمائر ؛ مؤكّدا وغير مؤكد.
وبهذه المناسبة نذكر ما يردده بعض المتسرعين بشأن الحذف والتقدير والتعليل فى هذا الباب من أنه خيالى محض لا يعرف عنه العرب الأوائل شيئا. وهذا صحيح. ولكن أكثره خيال بارع نافع هنا. وحذف وتقدير يوصلان ـ غالبا ـ فى هذا الباب إلى ضبط ما لا يمكن ضبطه بغيرهما ، وتيسير ما يصعب ، بل ما قد يستحيل إدراكه بدونهما. فمن الجحود إنكار فضل مبتكريه بغير روية وإنصاف.
(٢) نون التوكيد الخفيفة لا تقع ـ فى الأرجح. ـ بعد ألف الاثنين مطلقا ، وإنما تقع الشديدة ، كما سبق فى ص ١٧٢.
(٣) أولاها : نون الرفع ، والثانيتان : نون التوكيد المشددة ؛ (والحرف المشدد يعتبر حرفين). فوجب حذف أحد الثلاثة ؛ فحذفت نون الرفع للاستغناء عنها ، ولوجود القرينة التى تدل عليها. والنونات الثلاثة زاوئد. فإن كانت إحداها أصلية وجب بقاء الأصلية ، كقوله تعالى : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ).
وقد سبق ـ فى ج ١ م ٦ ص ٨٨ عند الكلام على إعراب المضارع ـ أن توالى الأمثال الممنوع يتحقق حين تكون الأحرف الثلاثة المتماثلة المتوالية زوائد فليس منه : (القاتلات جننّ ، أو : يجننّ) لأن الزائد هو المثل الأخير من الزوائد. وليس منه الفعل ومشتقاته فى مثل : أنا أحييك : أو أنا محييك .. (راجع الصبان هنا وفى الموضع السالف ، وشرح الرضى على الكافية ج ٢ ص ١٨٦).