متماثلة ، متوالية. وهذا لا يقع ـ غالبا ـ فى لغتنا إلا سماعا. فوجب حذف «نون الرفع» لوجود قرينة تدل عليها ؛ (هى : أن المضارع من الأفعال الخمسة ، ولم يسبقه ناصب أو جازم ؛ فوجب أن يكون مرفوعا بثبوت النون. فإذا لم تكن مذكورة ، فلا بد أن تكون محذوفة لعلة ؛ والمحذوف لعلة كالثابت). ولا يصح هنا حذف نون التوكيد الثقيلة ، أو تخفيفها ؛ لأن الحذف أو التخفيف ينافى الغرض البلاغى من الإتيان بها ، ومن تشديدها (١). فصار الكلام بعد الحذف : تفهمانّ ، ثم كسرت نون التوكيد المشددة ، مراعاة للمأثور عن العرب فى هذا الموضع حيث يلزمونها التشديد والبناء على الكسر.
وعند الإعراب يقال فى «تفهمانّ» : «تفهما» ، فعل مضارع مرفوع بالنون المحذوفة لتوالى النونات. و «الألف» ضمير فاعل ، و «نون التوكيد» حرف مبنىّ على الكسر ، لا محل له من الإعراب. وإن شئت قلت : «تفهما» : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وحذفت لتوالى النونات ، والألف ضمير : فاعل ، والنون المذكورة حرف للتوكيد ...
فالصورة النهائية بعد إجراء التغيرات السالفة هى : «أتفهمانّ» ، بتشديد نون التوكيد وجوبا بعد ألف الاثنين ، وحذف نون الرفع. ولا مانع هنا من التقاء «ألف الاثنين» ساكنة مع النون الأولى الساكنة من نون التوكيد المشددة ؛ لأن التقاء الساكنين هنا جائز ـ كما أوضحنا من قبل (٢).
٢ ـ ونقول عند إسناده لواو الجماعة من غير توكيد : أأنتم تفهمون؟ (فالمضارع مرفوع بثبوت النون ؛ والواو ضمير فاعل). ونقول عند توكيده بالنون المشددة وقبل التغيرات : أأنتم تفهموننّ؟ بثلاث نونات ، تحذف نون الرفع ـ لتوالى ثلاثة أحرف فى الآخر ، وهى زوائد ، ومن نوع واحد ـ فيصير الكلام : «تفهمونّ» فيلتقى ساكنان هما : واو الجماعة ، والنون الأولى الساكنة من النون المشددة المفتوحة الآخر ، فتحذف واو الجماعة ـ فى الأغلب (٣) ـ لوجود الضمة قبلها تدل عليها عند حذفها ، ولعدم الاستغناء عن تشديد نون التوكيد ؛ لأنها جاءت مشددة ،
__________________
(١) وطبقا لما جرى عليه أكثر العرب.
(٢) فى رقم ٢ من هامش ص ١٧٣.
(٣) انظر الرأى الآخر فى رقم ٢ من هامش ص ١٧٣.