يحتاج إلى فاعل إمّا ظاهر ، وإما ضمير مستتر جوازا ، يكون للغائب فى الأعم الأغلب (١) ـ كما سيجىء ـ وهو بهذين يخالف النوعين الآخرين فوق مخالفته لهما فى المعنى والزمن. أما تعديته ولزومه فيجرى فيهما كغيره على نظام فعله.
* * *
(ب) وتنقسم بحسب أصالتها فى الدلالة على الفعل وعدم أصالتها ، إلى قسمين أولهما : المرتجل ؛ وهو : ما وضع من أول أمره اسم فعل ولم يستعمل فى غيره من قبل. مثل : شتان ـ وى ـ مه ...
ثانيهما : المنقول ؛ وهو الذى وضع فى أول الأمر لمعنى ثم انتقل منه إلى اسم الفعل.
والمنقول أقسام ؛ فهو :
١ ـ إما منقول من جار مع مجروره (٢) ، مثل : «عليك» ، بمعنى : تمسّك ، أو : بمعنى : الزم ، أو : بمعنى : «أعتصم» ـ فعل مضارع ـ فمن الأول قولهم عليك بالعلم ؛ فإنه جاه من لا جاه له ، وعليك بالخلق الكريم ؛ فإنه الغنى الحق. أى : تمسّك بالعلم ـ تمسك بالخلق ... وقولهم : من نزل به مكروه فعليه بالصبر ؛ فهو أبعد للألم ، وأجلب للأجر ، أى : فليتمسك بالصبر ...
ومن الثانى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) أى : الزموا شأن أنفسكم.
ومن الثالث : علىّ بالكفاح لبلوغ الأمانى. أى : أعتصم.
ومن المنقول من الجار والمجرور : «إليك» ؛ بمعنى : ابتعد وتنحّ ؛ مثل : إليك عنّى ـ أيها المنافق ـ ؛ فذو الوجهين لا مكان له عندى ، ولا منزلة له فى نفسى
__________________
(١) انظر رقم ١ من هامش ص ١٥٠.
(٢) من أمثلة اسم الفعل المنقول من جار مع مجروره أو من ظرف مكان : عليك ـ (بمعانيه التى ذكرناها) ، وأمامك ، بمعنى تقدم ؛ وكذا مكانك» ، بمعنى : اثبت.
قال بعض النحاة ـ وقوله سديد ـ لا أدرى الحاجة إلى جعل مثل هذا الظرف اسم فعل؟ فهلا جعلوه ظرفا على بابه ، باقيا على أصله من الظرفية من غير نقله إلى اسم الفعل ؛ لأن اعتباره منقولا إلى اسم الفعل إنما يحسن حين لا يمكن الجمع بين الظرف وذلك الفعل الذى بمعناه ؛ كما لا يصح أن يقال : اسكت صه ـ الزم عليك ـ خذ دونك ... أما إذا أمكن فلا يجوز إخراجه عن الظرف إلى اسم الفعل فإنه يصح أن يقال : اثبت مكانك ، وتقدم أمامك .. فى حين لا يصح أن يقال : صه اسكت كما تقدم.
هذا رأيه سجله الصبان. ونرى أنه ينطبق على الجار مع مجروره أيضا.
قد يقال : إن الجمع ممكن على سبيل «التوكيد» اللفظى بالمرادف. وهذا صحيح بشرط وجود قرينة على إرادة التوكيد اللفظى ؛ لتحقيق غرض فيه.