وهو (١) : اسم يدل على فعل معين ، ويتضمن معناه ، وزمنه ، وعمله ، من غير
__________________
(١) التعريف الآتى صفوة تعريفات متعددة جاوزت ستة ، ولم تخل من قصور أو غموض. هو أقرب إلى التعريف الدقيق الذى اختاره جمهورهم لاسم الفعل. ونزيده بيانا ووضوحا بما يأتى : (مما ذكرناه عند تعريف الاسم ح ١ م ٢ ص ١١)
لو وضعنا فاكهة معينة أمام إنسان لا يعرفها ؛ فسأل : ما هذه؟ فأجبنا : «رمان» ـ مثلا ـ لكانت كلمة : «رمان» هى الرمز ، أو العلامة ، أو اللفظ الدال على تلك الفاكهة ، وإن شئت فقل : إنها «اسم» يفهم منه السامع تلك الفاكهة المعينة دون غيرها. فعندنا شيئان ؛ فاكهة لها أوصاف حسية خاصة بها ، ولفظ معين إذا نطقنا به انصرف الذهن مباشرة إلى تلك الفاكهة الخاصة. فلهذا اللفظ معنى ، أو مدلول ، أو مراد ؛ وما معناه ، أو مدلوله ، أو المراد منه إلا هذه الفاكهة ، وإن شئت فقل : إنه اسم ، هى معناه ومسماه. وأن هذا المعنى والمسمى له اسم ؛ هو : رمّان. فالاسم ليس إلا رمزا ، أو علامة ، أو شارة يراد بها أن تدل على شىء آخر ، وأن تعينه ، وتميزه من غيره. وهذا الشىء الآخر هو المراد من تلك الشارة ، والغرض من اتخاذها. فهو مدلولها ومرماها. أى : هو المسمى بها. ومتى ثبت أن الاسم هو الرمز والعلامة ، وأن المسمى هو : المرموز له ، المطلوب إدراكه بالعقل ـ كان الاسم متضمنا فى ذاته كل أوصاف المسمى ، كالصورة التى يكتب إزاءها اسمها ؛ فإذا قرئ الاسم أولا دل على الصورة ومضمونها كاملة. مثال آخر : هبك رأيت طائرا صغير الجسم ، جميل الشكل ، ساحر الغناء ، يتميز بأوصاف خاصة ، فسألت : ما هذا الطائر؟ فقيل : «بلبل». فإن كلمة : «بلبل» رمز ، أو : شارة ، أو : علامة على هذا الطائر المعين. فإذا سمعتها بعد ذلك أو قرأتها ، فهمت ما ترمز إليه ، وما تشير له ، وإن شئت فقل : فهمت معناها وما تدل عليه ، أى : فهمت مدلولها ومسماها ، لأنها الاسم الدال عليه. فكلمة : «البلبل» مدلولها الطائر المعين ، وهذا الطائر المعين له اسم ، هو : «البلبل» ، فلكل اسم مسمى ، ولكل مسمى اسم ، ولا ينفصل أحدهما عن صاحبه ، مهما كثرت ألفاظ كل ، وتعددت الكلمات الدالة عليه. قياسا على ما سبق ، ما الذى نفهمه حين نسمع كلمة : هيهات؟ نفهم أن مدلولها ومرماها هو الفعل «بعد» بكل خصائصه ؛ من الدلالة على معنى البعد ، والمضى ، والعمل ، وعدم التأثر بالعوامل. فاللفظ : «هيهات» رمز ، أو شارة أو علامة ـ تدل على الفعل : «بعد» أى : أن اللفظ : «هيهات» اسم ، مسماه الفعل : «بعد». والفعل : «بعد» مسمى ، له اسم ؛ هو : «هيهات».
وإذا سئلت : ما المراد من : «آه»؟ كان الجواب : «أتوجع». فكلمة : «آه» هى الرمز ، أو : العلامة ، أو : الاسم. أما المرموز له ، أو : المسمى ـ فهو الفعل المضارع : «أتوجع» بكل خصائص المضارع ؛ من معنى ، وزمن ، وعمل ، مع سلامة الرمز من التأثر بالعوامل التى يتأثر بها المضارع ؛ كالنواصب أو الجوازم ... وكذلك : «حذار» فإنه اسم ، مسماه فعل الأمر : «احذر» بما هو مختص به.
مما تقدم يتبين المراد ـ عند جمهرتهم. ـ من أسماء الأفعال ، وأن المقصود أنها «أسماء للأفعال» ، كما أن لفظ : «الرمان» اسم للفاكهة المعينة ، و «البلبل» اسم للطائر الخاص ، و «الفرس» اسم للحيوان المعروف ... فكذلك هذه الأسماء ؛ كل واحد منها اسم «لفعل بعينه ... ولما كان الاسم ـ ـ كما شرحناه ـ يدل دلالة كاملة على مسماه ، ويتضمن كل خصائص المسمى تبعا لذلك ، ـ لا بالأصالة ـ