أن يقبل علامته ، أو يتأثر بالعوامل (١).
ما يمتاز به اسم الفعل (٢) :
بالرغم من أن شأنه هو ما وصفنا فقد اكتسب بالاستعمال العربىّ القديم مزيّتين ليستا للفعل الذى بمعناه.
الأولى : أن اسم الفعل أقوى من الفعل الذى بمعناه فى أداء المعنى ، وأقدر على إبرازه كاملا مع المبالغة فيه. فالفعل : «بعد» ـ مثلا ـ يفيد : مجرد «البعد» ، ولكن اسم الفعل الذى بمعناه ؛ وهو : «هيهات» ، يفيد البعد البعيد ، أو : الشديد ؛ لأن معناه الدقيق هو : بعد جدّا ؛ كقولهم : هيهات إدراك الغاية بغير العمل الناجع. والفعل : «افترق» يفيد : «الافتراق» المجرد ؛ ولكن اسم الفعل : «شتّان» وهو بمعناه ـ يفيد الافتراق الشديد (٣) ؛ لأن معناه الحقيقى هو : «افترق جدّا» ... كقول الشاعر :
الفكر قبل القول يؤمن زيفه |
|
شتان بين رويّة وبديه (٤) |
__________________
ـ كان اسم الفعل متضمنا بالتبعية لا بالأصالة معنى فعله وزمنه ، وكذا عمله ـ فى الغالب ـ مع عدم التأثر بالعوامل ، وكذلك يتبين أن المراد هنا من كلمة : «اسم» هو المراد منها فى كل موضع آخر ، ولكنه اسم فى لفظه فقط ؛ بدليل الإسناد إليه دائما ـ طبقا للبيان الذى فى رقم ١ من هامش ص ١٥١ ـ وبدليل قبوله التنوين فى حالات كثيرة ، وكلاهما من علامات الاسم ، وأنه ليس فعلا فى لفظه! بدليل أنه لا يقبل علامة من علامات الأفعال. فحقيقته : أنه اسم فى لفظه ، فعل فى معناه.
وبالرغم من هذا البيان الذى عرضناه لإيضاح الرأى الغالب ، لا يزال يشوبه ـ بحق ـ بعض الضعف كاعتبار هذه الألفاظ أسماء عاملة ، مع أنها لا موضع لها من الإعراب ؛ فلا تكون مبتدأ ، ولا خبرا ، ولا فاعلا ، ولا مضافا ، ولا مضافا إليه. ولا غير ذلك.
ويخف الاعتراض ، ويكاد الضعف يختفى ـ لو أخذنا بالرأى القائل : إنها قسم رابع مستقل من أقسام الكلمة. وأصحاب هذا الرأى يسمونه : «خالفة» بمعنى خليفة الفعل ، ونائبه ، فى معناه ، وعمله وزمنه ، وكل ما يتضمنه على الوجه المشروح هنا.
(١) قلنا هذا : لأن المضارع يتأثر بعوامل النصب والجزم. وبهذا القيد يخرج المصدر النائب عن فعله فلا يعد اسم فعل ؛ لأنه يتأثر بالعوامل ، وتخرج كذلك المشتقات.
(٢) متى يحسن الحكم على اللفظ بأنه اسم فعل؟ الإجابة مندرجة فى رقم ١ من هامش ص ١٤٢.
(٣) ولا بد أن يكون الافتراق معنويا ـ كما سيجىء البيان فى ص ١٤١ ـ ثم انظر رقم ٢ من هامش ص ١٥٢ ـ.
(٤) المراد : تسرع بغير أعمال فكر.