وقد تجىء : «إذ» لإفادة التعليل ؛ كقوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ ـ إِذْ ظَلَمْتُمْ ـ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) ، أى : لأجل ظلمكم ، وبسببه. ولا تصلح هنا للظرفية ، لأن الظلم لا يكون يوم القيامة ، وإنما كان فى الدنيا. وتعتبر فى هذا الحالة : إمّا حرفا زائدا للتعليل ـ وهو الأيسر ـ ، وإما ظرف زمان ، والتعليل مستفاد من قوة الكلام ، لا من اللفظ (١).
وقد تجىء لإفادة المفاجأة (٢) ، بعد : «بينما (٣)» ، أو : «بينا (٤)» ، نحو قول الشاعر :
استقدر (٥) الله خيرا ، وارضينّ به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير |
وبينما المرء فى الأحياء مغتبط |
|
إذ صارفى الرّمس ، تعفوه الأعاصير |
ونحو : بينا نحن جلوس إذ أقبل غريب فأكرمناه ..
والأحسن فى هذا ـ وأشباهه ـ اعتبارها حرفا معناه المفاجأة ، أو : حرفا زائدا لتأكيد معنى الجملة كلها ؛ لا ظرف زمان ولا مكان.
ه ـ سبق (٦) أن : «إذ» تكون فى أغلب استعمالاتها ـ ظرفا للزمان الماضى المبهم (٧) ، ومعناها : وقت ، أو : زمن ، أو : حين ... أو ... وأنها فى هذه
__________________
ـ «بدلا» أو غيره إذا اقتضى المعنى خروجها عن الظرفية لشىء آخر. فلا داعى للتأويل من غير حاجة.
(١) يتضح هذا فى مثل قولنا : «عوقب اللص إذ سرق». باعتبار «إذ» للزمان ، فيؤدى ظاهر العبارة ـ إلى أن السرقة هى سبب العقاب ، وعلته.
(٢) أى : مفاجأة ما بعدها لما قبلها وقت تحقق معنى السابق. بمعنى : هجومه عليه بغتة عند وقوع معنى المتقدم.
(٣ و٣) إذا اتصلت «ما» الزائدة ، أو «الألف» الزائدة بآخر الظرف : «بين» وجب أن يكون له الصدارة فى جملته مع إضافته لهذه الجملة : (راجع الأحكام المتعددة فى البيان الخاص. بهذا فى ج ٢ باب : «الظرف» م ٧٩ ص ٢٦٨) ومنه قولهم فى وصف أحد العظماء : «بينما هو حليم أواب ، إذا هو أسد وثاب». وجاء فى القاموس ما نصه : (وبينا وبينما من حروف الابتداء) اه أى من كلمات الصدارة.
(٤) اسأله أن يقدره لك.
(٥) فى ص ٨٠.
(٦) وردت إشارة للزمان المبهم وبعض أحكامه ، فى رقم ٤ من هامش ص ٢٤ وفى ص ٦٦ و٦٧ و٩١ و١٣٠ و١٤٠.