عليها بالشذوذ ، ويؤيده أن بعض النحاة ـ بناء على هذا المسموع ـ يجيز فتح همزة «أنّ» بعدها ، فتكون «حيث» فى هذه الحالة مضافة ، داخلة على المفرد ؛ وهو : «المصدر المنسبك من «أنّ» مع معموليها». كما يجيز كسر همزة «إنّ» ؛ فتكون داخلة على جملة ؛ هى : «المضاف إليه».
وهذا رأى سديد ، فيه تسمح وتيسير ؛ إذ يجرى اليوم على مقتضاه كثرة المثقفين ، وإن كان الأولى والأفضل محاكاة الأسلوب الأفصح والأقوى.
* * *
ب ـ وأما : «إد» (١) فهى فى أكثر أحوالها ظرف للزمان الماضى المبهم (٢) ، ومعناها : زمن ، أو : وقت ، أو : حين ؛ وتضاف للجملة بنوعيها (٣) وجوبا كقول المادح :
فرحنا إذ قدمت قدوم سعد |
|
وإذ رؤياك (٤) فى الأيام عيد |
فقد أضيفت فى أول البيت لجملة فعلية ماضوية ، وأضيفت فى آخره لجملة اسمية. وإذا أضيفت لجملة فعلية وجب أن يكون الفعل ماضيا لفظا ومعنى معا ؛ كالمثال السابق ، أو معنى فقط (بأن يكون الفعل مضارعا فى لفظه دون زمنه ؛ فيصح أن يوضع مكانه ماضيه الحقيقى الزمن فلا يتغير المعنى (٥)) ؛
__________________
(١) سبق الكلام عليها بمناسبات أخرى فى ج ١ ص ٢٦ م ٣ ـ وفى ح ٢ ص ٢٥٨ م ٧٩ باب : «الظرف» ، وفيه أحكام هامة لم تذكر هنا. ومن تمام الاستفادة الرجوع إليه ، وربط المسائل المشتركة المعروضة هنا وهناك ...
(٢) سبق الكلام عليه ـ فى ح ٢ ص ٢٠٣ م ٧٨ وص ٢٢٥ م ٧٩ ـ بما ملخصه : أنه نكرة لا تدل على عدد محصور ، ولا على زمن محدود بأول معين ، وآخر مضبوط ؛ كالأمثلة المعروضة هنا (وقت ـ زمن ـ حين ...) ويدخل فى المبهم ما يدل على وجه من الزمان دون وجه ، مثل : عشية ـ صبح ـ غداة ـ.
وايضا سبقت الإشارة للمبهم فى هذا الجزء ص ٢٤ و٦٦ وله إشارة فى ص ٩١ وو هامش ص ١٣٢.
(٣) مع ملاحظة ما تقدم من الشروط والإيضاحات فى رقم ٢ من هامش ص ٧٨ وملاحظة شرط آخر ـ نص عليه المبرد فى كتابه المقتضب ، ج ٢ ص ٥٤ ـ هو : ألا يتصل بآخرها «ما» الزائدة. فهى فى هذا مثل : «حيث» ـ كما تقدم فى رقم ٥ من هامش ص ٧٨.
(٤) الرؤيا هنا ، بمعنى : الرؤية الحسية التى هى المشاهدة البصرية فى اليقظة ، فليست الرؤيا مقصورة على المنام ، كما يتوهم بعض الأدباء ، وقد نص بعض اللغويين على صحة استعمالها حسّا ومناما ، (أى : فى الحالتين.)
(٥) وقد اجتمعت الحالات الثلاث السالفة فى قوله تعالى عن رسوله الكريم : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ؛ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ ، إِذْ هُما فِي الْغارِ ؛ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ..) فقد أضيفت لجملة ماضوية ، ثم لجملة اسمية ، ثم لجملة مضارعية فى اللفظ دون المعنى. ـ وستأتى الآية لمناسبة أخرى فى رقم ٣ من هامش ص ٨٦ ـ