بحذف المضاف إليه ، والاستغناء عنه بالتنوين الذى يجىء عوضا عنه ، ودالّا عليه ، مع إرادة ذلك المحذوف وتقديره ، لحاجة المعنى إليه فيكون المضاف فى هذه الحالة مضافا فى المعنى دون اللفظ ، ويبقى له حكمه فى التعريف أو التنكير كما كان) (١). مثل الكلمات : (كلّ (٢) ـ بعض ـ
__________________
(١) وقد ارتضى بعض النحاة أن يسمى هذا النوع من التنوين فى آخر الأسماء المعربة : «تنوين العوض والأمكنية معا» لأنه عوض عن المحذوف ، ولأن الاسم الذى يحويه اسم معرب منصرف
ـ راجع حاشية الخضرى ، أول باب الممنوع من الصرف ـ.
وهذا الرأى أوضح وأدق من الرأى الآخر القائل : إنه للأمكنية فقط ؛ بحجة وقوعه فى اسم معرب منصرف لا بد من وجوده فى آخره ، إلا إذا جاء بعده مضاف إليه ؛ فيحذف التنوين لوجوب حذفه عند وجود المضاف إليه ؛ فإذا حذف المضاف إليه عاد ذلك التنوين للظهور مرة أخرى بعد اختفائه ؛ فهو ليس تنوينا جديد النوع ، وإنما هو تنوين الأمكنية الذى يلحق آخر الأسماء المعربة المنصرفة كالتى هنا ؛ اختفى بسبب الإضافة ، فلما زال السبب رجع إلى مكانه ظاهرا كما كان ـ
وقد سبق فى ج ١ ص ٣٢ م ٣. الكلام على أنواع التنوين المختلفة ، وأشرنا إلى هذا النوع من التنوين وأبدينا الرأى فيه.
(٢) بشرط ألا تكون كلمة : «كلّ» ، للتوكيد ؛ مثل : أجامل الأصدقاء كلهم ، ولا للنعت ـ مثل : شجاع الرأى هو الرجل كلّ الرجل. فإن كانت للتوكيد أو النعت وجب إضافتها لفظا ومعنى ـ (كما سيجىء هنا ، وفى بابهما ص ٤٦٦ و ...) ولا يجوز قطعها عن الإضافة
هذا ، وكلمة : «كلّ» فى لفظها مفردة دائما ومذكرة. وقد يطابقها ما بعدها فى هذين الأمرين أولا يطابق ، على حسب البيان الذى فى رقم ١ من هامش ص ٤٥١ و٤٩٦ والذى يتممه ما فى ص ٦٢ وما فى «ج» من ص ١٦٧.
أما حكم «كلّ» و «بعض» من ناحية تعريفهما أو تنكيرهما إذا انقطعا عن الإضافة بأن حذف المضاف إليه ـ فقد سبق له بيان مفيد ، فى ج ١ م ٣ ص ٣٨ عند الكلام على تنوين العوض ، وفى التصريح كلام عن ذلك (وقد نقله الصبان) ونصه : «ذهب سيبويه والجمهور إلى أنهما معرفتان بنية الإضافة ؛ ولذلك يأتى الحال منهما ؛ فتقول : مررت بكل قائما ، وببعض جالسا. والأصل فى صاحب الحال التعريف. وذهب الفارسى إلى أنهما نكرتان ، وألزم من قال بتعريفهما أن يقول : إن نصفا ، وسدسا ، وثلثا ، وربعا ، ونحوها ... ، ... معارف ؛ لأنها فى المعنى مضافات ، وهى إذ تعرب حالا ـ نكرات بالإجماع ؛ لوقوعها أحوالا. ورد بأن العرب تحذف المضاف إليه وتريده ، وأحيانا لا تريده. ودل مجىء الحال بعد : «كل وبعض» على إرادته». اه.
والمفهوم أن هذا الخلاف حين يكون المضاف إليه معرفة ـ كما صرح بعضهم ـ فإن كان نكرة (وهذا جائز ؛ كما سيجىء فى «ب» ص ١١٥) ـ فلا خلاف ؛ فى تنكيرهما ؛ إذ المضاف إليه حين يكون نكرة لا يفيد المضاف تعريفا.
وبناء على رأى سيبويه والجمهور لا يصح إدخال : «أل» التى للتعريف على «كل ، وبعض» المعرفتين فى تلك الصورة ، ويصح عند الفارسى ، ومن معه. وفى رأيه تيسير ، وله أنصار من قدامى النحاة واللغويين. يقول الخضرى ـ ح ٢ أول باب «البدل» : (جوزه بعضهم ، ؛ لعدم ملاحظة إضافة») اه.
ـ راجع ماله صلة بهذا الحكم فى البيان السابق بالجزء الأول فى الموضع المشار إليه ـ