ثم ينكشف هذا الغلط والخطأ للمتكلم سريعا ؛ فيذكر البدل ، ليتدارك به الخطأ اللّسانىّ ويصححه. فالغلط إنما هو فى ذكر المبدل منه ، لا فى البدل ، نحو : (أعظم الخلفاء العباسيين : «المأمون» بن «المنصور» ، «الرشيد».) فالحقيقة : أن «المأمون» هو ابن «الرشيد» ، ولكن المتكلم جرى لسانه بالخطأ ، فذكر أنه ابن المنصور ؛ فأسرع وأصلح الخطأ بذكر الصواب ، قائلا : «الرشيد». فالرشيد ؛ بدل من المتبوع ، الذى ذكر خطأ لسانيّا. وليس «الرشيد» هو : الغلط ؛ وإنما هو تصحيح للغلط الكلامى السالف الذى ذكر بغير قصد ولا تنبّه. فكلمة : «الرشيد» بدل من «المنصور» بدل غلط ، أى : بدلا مقصودا من شىء غير مقصود ذكر غلطا ـ كما أوضحنا ـ ولا يحتاج هذا البدل إلى ضمير يربطه بالمتبوع (١) ولا ورود لهذا النوع فى القرآن الكريم منسوبا إلى الله (٢) ...
ب ـ بدل النسيان : هو الذى يذكر فيه المبدل منه قصدا ، ويتبين للمتكلم فساد قصده : فيعدل عنه ، ويذكر البدل الذى هو الصواب ؛ نحو : (صليت أمس العصر ، الظهر ، فى الحقل) ، فقد قصد المتكلم النص على صلاة العصر ، ثم تبين له أنه نسى حقيقة الوقت الذى صلّاه ، وأنه ليس العصر ؛ فبادر إلى ذكر الحقيقة التى تذكّرها ؛ وهى : «الظهر» فكلمة : «الظهر» بدل مقصود من كلمة ؛ «العصر» بدل نسيان. والفرق بين هذا البدل وسابقه أن الغلط يكون من اللسان ، أما النسيان فمن العقل.
وهذا النوع كسابقه لا يحتاج إلى ضمير يعود على المتبوع ، ولا إلى رابط آخر (٣) .... ولا ورود لهذا النوع فى القرآن الكريم منسوبا إلى الله (٤) ...
ح ـ بدل الإضراب (٥) : وهو الذى يذكر فيه المبدل منه قصدا ، ولكن
__________________
(١ و١) انظر الملاحظة التى فى ص ٦٧٢.
(٢ و٢) إذ يستحيل وقوع «الغلط والنسيان» من المولى ـ جل شأنه ـ ويستحيل نسبة أحدهما إليه ؛ لبطلان هذه النسبة بداهة.
(٣) يسمى أيضا : بدل «البداء» ـ بفتح الباء والدال ـ أى : الظهور. لأن المتكلم بعد أن ذكره أولا ـ بدا له (أى : ظهر له) أن يذكر الثانى. والإضراب المقصود هنا هو : الإضراب الانتقالى ـ وقد سبق شرحه فى ص ٦٢٣ ـ.