(أعجب) ، واتجه القصد إلى هذا المعنى دون باقى المعانى التى يشتمل عليها العامل إجمالا ، والتى تنطبق على الوردة وتتصل بها ، من غير أن يدخل واحد منها فى ذات الوردة ، وفى تكوينها المادىّ (الجسمى) ، أى : من غير أن يكون واحد منها جزءا حقيقّا أساسيّا لا توجد الوردة إلا به ، فليست رائحة الوردة جزءا أصيلا فى تكوينها المادىّ يتوقف عليه وجود الوردة ، وليس لونها ، أو تنسيق ورقها جزءا أساسيّا كذلك ، وإنما هى أمور عرضية طارئة على ذاتها المادية ، قد تلازم الذات أولا تلازمها. وبقاء الذات أو فناؤها ليس متوقفا عليها ؛ فمن الممكن أن توجد الوردة وأن تبقى من غير أن يكون لها رائحتها ، أو لونها ، أو تنسيق ورقها ، أو غير هذا من المعانى والأوصاف الطارئة التى تندمج تحت لفظ العامل : «أعجب».
فالرائحة فى الأسلوب السابق هى التى تسمى : «بدل اشتمال» و «المبدل منه» هو : «الوردة» ، والعامل هو : «أعجب». ويقولون فى بدل الاشتمال :
«إنه تابع يعيّن أمرا عرضيّا ، ووصفا طارئا من الأمور والأوصاف المتعددة التى تتصل بالمتبوع ، ويشتمل عليها معنى عامله إجمالا بغير تفصيل (١)».
ومن هذا التعريف يتبين أن بدل الاشتمال مقصود لتعيين أمر فى متبوعه ، وأن هذا الأمر عرضىّ طارئ ، وليس جزءا أصيلا من المتبوع (٢). وأن أساس الاشتمال وموضعه الحق هو «العامل» بمعناه ، لا التابع ولا المتبوع.
ومن الأمثلة لهذا البدل : بهرنى عمر عدله ـ راقنى معاوية حلمه ـ سرتنى عائشة علمّها ودينها. فالكلمات : عدل : حلم ـ علم ... بدل اشتمال كل واحدة منها تعيّن أمرا خاصّا فى المتبوع. وهو أمر عرضىّ لا يدخل فى تكوين الذات تكوينا ماديّا أصيلا. وهذا الأمر العرضىّ الطارئ يندرج
__________________
(١) وهذا الاشتمال قد يكون فى أمر مكتسب ؛ كالعلم ، أو غير مكتسب مع ملازمته لصاحبه زمنا ، كالحسن ، أو عدم ملازمته : كالكلام. وأيضا قد يكون الاشتمال تارة اشتمال الظرف على المظروف ؛ كالثوب ، وتارة لا يكون ، كالفرس.
(٢) وبسبب هذا يختلف بدل الاشتمال عن بدل البعض اختلافا واسعا.