الغرض من البدل :
الغرض الأصيل هو ـ فى الغالب ـ تقرير الحكم السّابق وتقويته بتعيين المراد ، وإيضاحه ، ورفع الاحتمال عنه. لأن هذا الحكم ينسب أوّلا للمتبوع فيكون ذكر المتبوع تمهيدا للتابع الذى سيجىء ، وتوجيها للنفس لاستقباله بشوق ولهفة. فإذا استقبلته وعرفته استقبلت معه الحكم وعرفته أيضا ؛ فكأن الحكم قد ذكر مرتين ؛ وفى هذا تقوية للحكم وتوكيد (١). ولأجل تحقيق هذا الغرض لا يصح أن يتحد لفظ البدل والمبدل منه إلا إذا أفاد الثانى زيادة بيان وإيضاح ؛ فلا يصح فى مثل : يا سعد سعد أنت زعيم موفق ـ إعراب : كلمة «سعد» الثانية بدلا (٢).
* * *
أقسام البدل الأربعة المشهورة ـ وكل منها هو المقصود وحده بالحكم ـ :
أولها : بدل كلّ من كل (٣) ، ويسمى «بدل المطابقة» ، أو : «بدل المطابق من مطابقه». وضابطه : أن يكون الثانى مطابقا ـ أى : مساويا ـ
__________________
(١) لهذا يقولون إن البدل فى حكم تكرير العامل. أما قولهم : إن المبدل منه فى حكم المطروح (أى : المهمل الذى يمكن الاستغناء عنه) فالمراد منه أن هذا شأنه ـ الغالب ـ من جهة المعنى لا من جهة اللفظ ـ بدليل صحة : ضربت الرجل يده ، إذ لو لم يعتد بالرجل أصلا ما كان للضمير مرجع (راجع شرح التصريح).
وقال الزمخشرى فى المفصل : «مرادهم بكون البدل فى نية طرح الأول ـ أى : فى نية طرح المبدل منه ـ هو أنه مستقل بنفسه ، لا متمم لمتبوعه ؛ (فليس كالتأكيد ، والصفة ، والبيان). لا إهدار الأول. ألا ترى أنك لو أهدرت الأول فى نحو : محمد رأيت غلامه رجلا صالحا ـ لم يستقم كلاما» ا ه. كلام صاحب المفصل نقلا عن حاشية الصبان آخر عطف البيان. ـ ثم قال الصبان بعد المثال السالف : بخلافه فى البيان. ا ه.
ويؤيد هذا ما سيجىء فى رقم «و» من ص ٦٧٨.
(٢) (راجع حاشية الصبان فى آخر باب تابع المنادى. وسيجىء إشارة لهذا فى «ج» من ص ٦٧٧ وفى ج ٤ ص ٤١ م ١٣٠) وكذلك لا يصح أن يكون البدل أو المبدل منه حرفا ـ كما تقدم ـ.
(٣) من بدل الكل نوع اسمه : «بدل التفصيل» سيجىء فى ص ٦٨٤ وله بعض أحكام فى «ه» من ص ٦٧٧.
وإذا كان «المبدل منه» كنية لوحظ فيه وفى «البدل» ما سبق فى «ا» من ص ٤٤٤.