زيادة وتفصيل :
نصب المضارعين معا ، أو جزمهما معا بغير تكرار الناصب والجازم قبل الفعل المضارع المعطوف ، دليل قاطع على أن العطف عطف فعل وحده بغير مرفوعه على فعل وحده كذلك ، وليس عطف جملة على جملة ؛ لأن عطف الجملة الفعلية على الفعلية بغير تكرار أداة النصب أو الجزم يستلزم ـ حتما ـ أن يكون المضارع المعطوف غير منصوب ولا مجزوم ؛ إذ نصبه أو جزمه يوجب أن يكون عطف فعل وحده على فعل كذلك.
أما رفع المضارعين معا ـ فى مثل : يشتدّ البرد فتهاجر طيور كثيرة إلى بلاد دافئة ـ فلا دليل معه على أن العطف عطف مضارع مفرد على نظيره المفرد ، أو عطف جملة مضارعية على جملة مضارعية (أى : عطف مضارع مع فاعله ، على مضارع مع فاعله) ، فمثل هذا الكلام صالح للأمرين عند عدم القرينة التى تعينه لأحدهما (١) ... وكذلك العطف فى قول الشاعر :
قد ينعم الله بالبلوى ـ وإن عظمت ـ |
|
ويبتلى الله بعض القوم بالنعم |
فيصح أن يكون المعطوف هنا جملة مضارعية هى : «يبتلى الله» ، والمعطوف عليه جملة مضارعية كذلك ، هى : «ينعم الله» ؛ ويصح أن يكون المتعاطفان مفردين هما المضارعان ، ومثل هذا يقال فى الماضى فى نحو : (إذا تعرض وتصدّى المرء لكشف معايب الناس مزّقوه بسهام أقوالهم وأفعالهم ... (٢)). حيث يجوز الأمران ، لعدم وجود قرينة تعين نوع العطف ؛ أهو عطف فعل ماض وحده على ماض وحده أم عطف جملة
__________________
(١) ومنه قول الشاعر :
وإنى لمشتاق إلى ظل صاحب |
|
يرقّ ويصفو إن كدرت عليه |
(٢) وكذلك قول الشاعر :
قد هوّن الصبر عندى كلّ نازلة |
|
وليّن العزم حدّ المركب الخشن |