شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ ، جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً ...) فالفعل : «يجعل» مضارع مجزوم ؛ لأنه معطوف على الفعل الماضى : «جعل» المبنى فى محل جزم (١) ؛ لأنه جواب الشرط. وصحّ العطف لاتحاد زمانيهما الذى يتحقق فيه المعنى (٢) ، وهو الزمن المستقبل ...
ثانيهما : اتحادهما إن كانا مضارعين فى العلامة الدالة على الإعراب ـ (من حركة أو سكون ، أو غيرهما) ـ ويتبع هذا اتحاد معنيهما فى النفى والإثبات ؛ فإذا كان «المعطوف عليه» مضارعا مرفوعا ، أو منصوبا ، أو مجزوما ، وجب أن يكون المضارع «المعطوف» ، كذلك. وأن يكون معنى المعطوف كالمعطوف عليه فى النفى والإثبات ؛ فكما يتبعه فى علامات الإعراب يتبعه فيهما معنى. فمثال المرفوعين : يفيض فيغدق نهرنا الخير على الوادى.
ومثال المنصوبين : لن يفيض النهر فيغرق الساحل. ومثال المجزومين : لم يفض نهرنا فيغرق ساحله (٣) ....
__________________
(١) طبقا للقاعدة الخاصة بهذا (فى باب الجوازم ـ ج ٤ م ١٥٧ ص ٣٤٧) وتقضى بأن الماضى الواقع فى جواب الشرط يكون مبنيّا فى محل جزم ، وأنه وحده الجواب ، لا الجملة الفعلية المركبة منه ومن فاعله معا.
(٢) كان الزمن مستقبلا مع أن المعطوف عليه فعل ماض ـ وهو فعل الشرط ـ لأن أداة الشرط الجازمة تقتضى حتما أن يكون زمن فعلى الشرط والجواب مستقبلا ؛ فإذا كان أحدهما فعلا ماضيا فى لفظه وجب أن يكون زمنه مستقبلا.
(٣) وقد اكتفى ابن مالك فى الكلام على عطف الفعل على الفعل بالشطر الثانى من البيت الذى سبق عرضه فى ص ٦٤٠ لمناسبة أخرى تضمنها صدره ؛ يقول :
وحذف متبوع بدا هنا استبح |
|
وعطفك الفعل على الفعل يصح |
(بدا ـ ظهر ، والمراد أنه مذكور فى الكلام) (استبح ـ اجعله مباحا). (يصح : أصلها : يصحّ ، ـ بالتشديد مع التسكين ـ وخففت الحاء الساكنة لوزن الشعر).